نعم، هل يمدح الإنسان بقوة بصره أو يذم؟ هل يمدح الإنسان بقوة سمعه أو يذم؟ العبرة بما تستعمل فيه هذه النعم، البيان نعمة {خَلَقَ الْإِنسَانَ * عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [(٣ - ٤) سورة الرحمن] امتن الله -جل وعلا- على الإنسان بالبيان، وهو نعمة من النعم، امتن الله على الإنسان بالنعم كالسمع والبصر وغيرهما، لكن هذه النعم إن استغلت فيما يرضي الله، وأدي حق الله فيها فإنها نعم، وإن استغلت فيما لا يرضي الله فهي نقم، فالبصر إذا استعمل في طاعة الله -جل وعلا- فقرأ بواسطته كلام الله والعلم الوارد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فهذا نعمة، وإن قرأ فيه أو نظر فيه إلى المحرم كان نقمة، وقل مثل هذا في السمع إذا استمعت إلى الخير إلى القرآن إلى العلم كان هذا نعمة، وإذا استمعت إلى الأغاني والموسيقى والغيبة والنميمة كان هذا نقمة، وقل مثل هذا في البيان فهو نعمة من نعم الله على الإنسان، إذا استعمل في بيان الحق والدفاع عن الحق صار نعمة، وإذا استعمل في بيان الباطل والدفاع عنه صار نقمة، فهو سحر باعتبار أنه ينفذ إلى القلوب ويؤثر في النفوس كتأثير السحر، والأسلوب يحتمل أن يكون مدحاً وأن يكون ذماً على حسب ما يستعمل فيه هذا البيان.
"وعن عبد الله بن أبي أوفى -رضي الله عنه- قال: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يكثر الذكر" هذه صفته -عليه الصلاة والسلام- وصفة أتباعه، وجاء مدح الذكر في نصوص كثيرة جداً {وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ} [(٣٥) سورة الأحزاب] ((سبق المفردون)) ((مثل الذي يذكر الله والذي لا يذكره كمثل الحي والميت)) المقصود أن الأحاديث الدالة على الذكر وفائدة الذكر كثيرة جداً، يراجع لها مقدمة الوابل الصيب، ومقدمة الأذكار، وأبواب الذكر من كتب السنة كلها ذكرت ما ورد في الذكر.