للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نعم، المسألة خلافية؛ لأنه يتجاذبه هذا الحديث: ((الفطر يوم يفطر الناس، والصوم يوم يصوم الناس)) وأيضاً ((صوموا لرؤيته)) وقل مثل هذا فيما إذا رأى هلال شوال، إذا رأى هلال شوال وحده وردت شهادته ما وجد غيره، ومعلوم أن خروج الشهر لا بد من اثنين، ما يكفي واحد، ردت شهادته، وهو متأكد يصوم، وفي قرارة نفسه أن هذا يوم العيد، ولا يجوز صيامه، ويمتثل حديث: ((وأفطروا لرؤيته)) أو يصوم مع الناس في اليوم الأخير، ويفطر مع الناس في اليوم الأول؟ مقتضى هذا الحديث أن يصنع كما يصنع الناس، ويسعه ما يسمع الناس، وفي حديث كُريب عند مسلم: لما جاء من الشام، والناس صائمون وأخبرهم أنهم رأوا الهلال ليلة الجمعة، فقال ابن عباس: إنا لم نره إلا ليلة السبت، فلا نزال نصوم حتى نراه، كُريب أكمل الثلاثين مع صيام أهل الشام، وإذا كان مجيء كريب يوم الثلاثين أو بعد إكمال الثلاثين، الإشكال فيما إذا كان بعد إكمال الثلاثين، وصام مع الناس في الشام اليوم الأول، وأهل المدينة ما صاموا، ثم أتم أهل المدينة الثلاثين؛ لأنهم لم يروه، فيلزم على هذا أن يكون كريب صام واحداً وثلاثين يوماً، والشهر لا يصل بأي حال من الأحوال إلى واحد وثلاثين، فمن عمل بالحديث بعمومه قال: يصوم مع الناس ولو أدى ذلك إلى أن يصوم واحداً وثلاثين يوماً، ومن قال: عليه أن يعمل بـ ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) قال: يصوم لرؤية نفسه، ويفطر لرؤية نفسه، مع أن جميع طرق الحديث فيها الجمع، وفيه مخاطبة الأمة لا مخاطبة الأفراد ((صوموا)) يعني هذه مخاطبة للأمة ((صوموا)) فهم يصومون لرؤيته، ويفطرون لرؤيته، ورؤيتهم تتحقق بواحد، لكن الكلام على صوموا الأمر بالصيام للجميع، والأمر بالفطر للجميع، فعلى هذا لا يصوم إلا مع الناس، ولا يفطر إلا مع الناس على مقتضى هذا الحديث، ومن أهل العلم من يقول: إذا كان قد رأى الهلال رؤية لا يشك فيها فهو مأمور بـ ((صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته)) فإنه يفطر سراً، ويصوموا سراً؛ لئلا يشوش على الناس، والمسألة خلافية.