قال:"فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم" لأنه كما تقدم الرسول -عليه الصلاة والسلام- لا يوقظ، بل يترك حتى يستيقظ كما تقدم في قصة نومهم عن الصلاة.
"فصرخ بلال بأعلى صوته: الصلاة خير من النوم" ثم بعد ذلك أدخلت هذه الكلمة في التأذين بإقراره -عليه الصلاة والسلام-؛ لئلا يقول قائل من المبتدعة: إن لنا أن نزيد من الأذكار ما يوقظ الناس، وفي البلدان الأخرى يوجد من المؤذنين بعض البدع، منها ما يدخل في أثناء الأذان، ومنها ما يوجد قبله في مكانه، ومنها ما يوجد بعده في مكانه، ولا يجوز الزيادة على ما جاء عن الشرع في أمور العبادات لا تجوز الزيادة، فتجد في بعض الجهات:"حي على خير العمل" هذه بدعة فضلاً عن من يقول: أشهد أن علياً ولي الله، وبعض الجهات يذكرون الله بأذكار في أثناء الأذان، لا شك أن إدخالها في أثنائها -وإن كانت ذكر مطلق- يدخل ذلك في حيز البدعة؛ لأن السامع يظنها من جمل الأذان، وقد يتوسع الناس في ذلك، وقد يأتي على الناس أزمان يقولون: سمعناها في عهد فلان من المشايخ، وما أنكر، فتثبت سنة وهي في الحقيقة بدعة، فلا يجوز الزيادة على جمل الأذان الواردة الثابتة عنه -عليه الصلاة والسلام-، إنما يؤخذ بجميع ما ورد، مما صح وثبت، وإذا ثبت في حديث عبد الله بن زيد ما لم يثبت في حديث أبي محذورة أو العكس نأخذ بالجميع، لكن لا نلفق بين الأذانين أذاناً واحداً، بل نجعله من اختلاف التنوع، نؤذن بهذا أحياناً، ونؤذن بهذا أحياناً، لا مانع، أما أن نجمع بين ما جاء في حديث عبد الله بن زيد وحديث أبي محذورة، والأحاديث الأخرى على ما سيأتي ونسوقها مساقاً واحداً لا شك أن مثل هذا تلفيق غير مرضي، كما يقال في صيغ الاستفتاح أو في صيغ التشهد أو ما أشبه ذلك، مما جاء مما هو من قبيل اختلاف التنوع.
"قال سعيد بن المسيب: فأدخلت هذه الكلمة في التأذين لصلاة الفجر".