"وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، ولا يخرج في الصدقة هرمة" هرمة كبيرة، سقطت أسنانها "هرمة ولا ذات عوار" ذات عيبة معيبة، أو عُوار العيب في جميع البدن، "ولا تيس" الذي هو فخل الغنم "إلا أن يشاء المصدق" ومشيئته هذه ليس مردها إلى التشهي، إنما مردها إلى النظر في مصلحة الفقراء، والاستثناء يعود إلى الجملة الأخيرة اتفاقاً، وعوده إلى ما سبقها محل خلاف بين أهل العلم إلا أن يشاء المصدق فيأخذ تيس، هذا ما فيه إشكال؛ لكون هذا التيس أنفع من هذه العنز، أو من هذه الشاة، هذا ما فيه إشكال، إذا كان أنفع للفقراء، لكن هل له أن يأخذ ذات عوار إذا كانت أنفع للفقراء، أو يأخذ هرمة إذا كانت أنفع للفقراء؟ الاستثناء والوصف المتعقب لجمل متعددة محل خلاف بين أهل العلم، هل يعود إلى الجملة الأخيرة فقط أو يعود إلى جميع ما تقدم؟
في القذف {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(٤ - ٥) سورة النور] الاستثناء هذا يرجع إلى الأخيرة بالاتفاق، يرتفع الفسق، لكن هل تقبل شهادته يعني القاذف إذا تاب مع قوله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(٤) سورة النور] هذا محل الخلاف بين أهل العلم، ارتفع الوصف المؤثر الذي هو الفسق فارتفع أثره، وهو رد الشهادة، طيب الجلد ثمانين جلدة يسقط بالتوبة وإلا ما يسقط؟ هذا لا يسقط بالاتفاق؛ لأنه حق آدمي، وعندنا "إلا أن يشاء المصدق" إذا رأى أن التيس أنفع للفقراء من هذه العنز، أو هذه الشاة إذا شاء، والمشيئة ردها إلى مصلحة الفقراء لا إلى رغبته وشهوته.
طيب إذا رأى أن ذات العوار أو الهرمة أنفع للفقراء مما يدفع مما هو سليم بأن تكون الهرمة أكثر لحم، وذات العوار أكثر لحماً، أو أطيب لحماً، فهل للمصدق أن يأخذ؟