"ومن كل حالم" يعني بلغ الحلم، كُلف "ديناراً" وهل هذا ثابت إلى يومنا هذا بأن لا يجوز الأخذ في الجزية على دينار واحد، أو أن هذا مثلما يقال في الأبواب الأخرى من الديات وغيرها، أنها خاضعة لزيادة الأثمان ونقص الأثمان، الفروق كبيرة في الأزمان، أحياناً الدينار لا يقبله الطفل إذا أعطيته إياه، وأحياناً رب الأسرة يتمنى الدينار، ولا يحصل له، فهذه الأمور تختلف باختلاف الأحوال، ومنهم من يقول: لا يزاد على الدينار، هذا قضاء نبوي ولا يجوز الزيادة عليه.
على كل حال المسألة خلافية بين أهل العلم؛ لأنه هل المقصود أن يؤخذ منهم ما يقابل بقاؤهم في بلاد المسلمين وانتفاعهم بها، أو أنه يؤخذ منهم هذا الرسم ولا يزاد عليه؟
على كل المسألة خلاف بين أهل العلم، ولعل مرد ذلك إلى الإمام، إذا رأى المصلحة في الزيادة، وأن الدينار لا يساوي شيئاً، ولا يقابل شيء، ولا يعد في عرف الناس شيء فلا مانع من الزيادة عليه كالديات، الديات في وقت من الأوقات تزيد، وفي وقت من الأوقات تنقص، تبعاً لأقيام الإبل، إذا قلنا: إن الأصل الدية مائة من الإبل.
"أو عدل ذلك معافرياً" معافرياً، هذا البرد اليمني كم يستحق الآن؟ البرد يكسو شخصاً واحداً، قد يكون أقل من قيمة الدينار اليوم، يمكن البرد الآن بعشرة أو عشرين ريال، والدينار بخمسمائة ريال، الذهب فرق كبير بين هذا وهذا، ولذلك لما قال: عدل ذلك، دل على أن التعديل في الأقيام معتبر.
"رواه أحمد وهذا لفظه، وأبو داود والترمذي وحسنه، والنسائي وابن ماجه والحاكم، وقال: صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه" إن كان مراده أن الشيخين خرجا لمسروق ومعاذ فهذا كلام صحيح، لكن هل خرجا لهما على هذه الصورة ليتم للحاكم أن يقول: على شرط الشيخين، ومن شرط إطلاق هذا اللفظ أن يخرج الشيخان للرجال بالصورة الموجودة في الصحيح، شرطهما رجالهما على الصورة الموجودة في الصحيح، فكلامه فيه نظر.
قال -رحمه الله-: "وعن ابن إسحاق" محمد بن إسحاق، إمام في المغازي، وفي الرواية كما تقدم لأهل العلم فيه كلام طويل، وتوسط جمع من أهل العلم فجعلوه من قبيل متوسطي الرواة، فحديثه إذا صرح بالتحديث حسن.