((فإنا آخذوها وشطر ماله)) شطر نصف المال، الشطر هو النصف، ((عزمة من عزمات ربنا)) يعني جد وحق، ولازم من حقوق الله -جل وعلا- أن يؤخذ منه مع الزكاة شطر ماله، وهذه مسألة -مسألة العقوبة بالمال- مسألة مختلف فيها بين أهل العلم، منهم من يرى أنه لا يجوز أخذ مال إلا بطيب نفس من صاحبه مطلقاً، فلا تعزير في المال، وهذا قول كثير من أهل العلم، ومنهم من يقول: يجوز التعزير بالمال، وعمدتهم هذا الحديث، وأيضاً أخذ السلب ممن يقطع الشجر في المدينة جاء فيه حديث سعد وغيره.
على كل حال التعزير بالمال مسألة مختلف فيها، فمن يثبت هذا الحديث وهو مختلف في ثبوته يقول: لا مانع من التعزير بالمال حسب ما يراه الإمام، وهو المعمول به الآن، التعزيرات بالمال كثيرة، يعني في كل باب موجودة.
((عزمة من عزمات ربنا، ليس لآل محمد منها شيء)) منهم من يقول: هذا الحديث ليس فيه دليل على التعزير بالمال، منهم من يقول: هذا الحديث ليس فيه تعزير بالمال، ويكون اللفظ حينئذٍ:((فإنا آخذوها وشُطِرَ ماله)) شطر ماله يعني جعل شطرين، شطر جياد، وشطر أقل، فتؤخذ الزكاة من الجياد، فحينئذٍ لا يكون فيه أخذ أكثر مما فرض الله عليه.
قال من يقول بالتعزير بالمال إن هذا فيه تعزير بالمال؛ لأنها إذا أخذت الزكاة من الجياد فبدلاً من أن يؤخذ منه عشر من الغنم قيمة الواحدة خمسمائة، أخذت من الجياد قيمة كل واحدة منها سبعمائة، زاد عليه ألفا ريال، يعني العشر بدلاً من أن تكون قيمتها خمسة آلاف صارت قيمتها سبعة آلاف، هذه في زيادة في الأصل، والأصل أن تؤخذ من أوساط المال التي قيمتها خمسمائة؛ لأنه نفترض أن المال فيه الجيد، وفيه المتوسط، وفيه الرديء، فيه سبعمائة، خمسمائة، ثلاثمائة، لا تؤخذ من الثلاثمائة الرديئة، ما قيمته ثلاثمائة الرديئة مراعاةً لحق الفقراء، ولا تؤخذ كلها من الجياد ((إياك وكرائم أموالهم)) هذا منهي عنه، وإذا قلنا: إنه يشطر ماله وتؤخذ الزكاة من الجياد قلنا: إن هذا فيه تعزير بالمال، يعني وقعوا في مثل ما فروا منه، ولم يحصل حل للإشكال.