على كل حال الذي يصحح الحديث، وهو على مقتضى طريقتهم بهز بن حكيم عن أبيه عن جده، مثل عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، قالوا: إن الحديث بهذه السلسلة يكون حسناً، والحسن يحتج به في الأحكام، ولكن ليس هذا بمبرر؛ لما حصل في بعض الأقطار، وفي بعض الأمصار والأعصار أن يتسلط الظلمة على أموال الناس، ويعاقبوهم بالأموال، ويعزروهم بالأموال، ويأخذوها لأنفسهم لا، هذه العقوبات وهذه التعزيرات إنما تكون لبيت المال، ليست للأشخاص؛ لأن الشراح ذكروا أن بعض الظلمة استغلوا مثل هذا الحديث فصاروا يفرضون الأموال لأنفسهم، وهذا لا يجوز بحال.
((عزمة من عزمات ربنا)) حق من حقوق الله، وحق الله -جل وعلا- لبيت المال، بيت مال المسلمين، ((ليس لآل محمد منها شيء)) مقتضى قوله: ((عزمة من عزمات ربنا)) هل للساعي أو من فوقه من ولاة الأمر أن يتنازلوا عنها ما دامت عزمة من عزمات ربنا؟ حق من حقوق الله؟ مقتضى اللفظ أنه ليس لأحد أن يتنازل، هذا حق ثابت لله -جل وعلا- كسائر الحقوق، كالكفارات مثلاً، ليس لأحد أن يتنازل عنها، فهي من حقوق الله، ((ليس لآل محمد منها شيء)) الزكوات والصدقات ((إنما هي أوساخ الناس)) {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} [(١٠٣) سورة التوبة] وما ينتج عن التطهير كالثوب إذا غسل فغسالته وسخة، والزكاة الذي تطهر بها النفوس فيها وسخ، هي أوساخ الناس، فلا تحل لمحمد ولا لآل محمد، لا يحل منها شيء.