((ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) هذا الذي في الصحيحين، وفي رواية لمسلم:((حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)) وهذه يذكرها أهل العلم في المقلوب من الحديث، وأن الخبر انقلب على الراوي، وصوابه ((لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) لأن الإنفاق يكون باليمين لا بالشمال، فأطبقوا على ذكر الرواية بالمقلوب، المقصود من الإنسان أن يخفي الصدقة هذا الذي يمدح عليه في هذا الحديث، وهو الذي يتحقق به الغرض الذي هو الاستظلال بظل الله -جل وعلا-، الإخفاء، ((حتى لا تعلم)) يعني من شدة الإخفاء ((لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)) هذا الغالب أن الإنفاق يكون باليمين، لكن قد يستدعي الحال أن ينفق الإنسان بشماله، قد يستدعي الحال بأن يكون عن يمينه أحد، عن يمينه شخص، وعن يساره سائل هل يقول: تعال من هنا أعطيك باليمين أو ينفق باليمين ليعلم من عن يمينه؟ لا يتم الإخفاء بهذا، فليعطيه بشماله، ويمكن حمل الرواية التي في صحيح مسلم على هذا؛ لأن المقصود الإخفاء، فإذا أراد أن يخفي هذه الصدقة عن الجالس بيمينه احتاج أن ينفق بشماله، وحينئذٍ لا تعلم يمينه ما تنفق شماله، وعلى هذا فالرواية مستقيمة وليست منقلبة.