يعني الصحيح أن تقرأ في بيتك بدل من أن تقرأ بين الناس، كما أن الصحيح في الصدقة أن تتصدق سراً بين أن تتصدق أمام الناس، لكن الجاهر بالقرآن يحتمل أن يكون برفع الصوت، وجاء الأمر بالتوسط بين الجهر والإسرار في القراءة وفي الصلاة، ويأتي أيضاً في قراءة القرآن سواءً كانت في المسجد، أو بين الناس وبين القراءة في السر في الخلوة، ولا شك أنها أفضل، لا سيما إذا كانت في جوف الليل، ويأتي أيضاً أن كون طلاب العلم لا يرون قدوات يقرؤون القرآن، فما الذي يدريهم أن العلماء يقرؤون القرآن في بيوتهم، أو في تهجدهم، أو في صلواتهم؟ تجد كثير من طلاب العلم يهجر القرآن؛ لأنه لا يجد ما يحدوه، ما يرى من أهل العلم من يقرأ القرآن، هم يقرؤون القرآن قياماً وقعوداً وعلى جنوبهم، وعلى كل وقت، وعلى كل حال، وفي كل آن، ويوجد الآن من أهل العلم من يقرأ .. ، منهك بالأعمال الرسمية، ومع ذلك يختم كل ثلاث، لكن طلاب العلم ما يدرون عنه، لا يحتاج أن يقول فلان: إني أقرأ القرآن بالليل أو أقرأ .. ، لكن إذا فهم طلاب العلم أن العلماء لا يقرؤون القرآن، أو يهجرون القرآن، والأمر ليس كذلك، وهم معروفون بكثرة الذكر والتلاوة، لكن لا يلزم أن يبرزوا ذلك للناس إلا بقدر ما يحقق المصلحة، بأن يكون قدوة للناس، إذا رأى الناس انصرفوا لا مانع من أن يعلن هذا العمل الصالح ليقتدى به.
((ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)) يعني بغير حضور الناس؛ لأن بعض الناس سهل عليه أن يبكي إذا كان بين الناس، فاضت عيونه بالدموع، وأجهش بالبكاء، ثم إذا صار خالياً ليس هناك ما يدعو، هذا فيه خلل، لكن المطلوب أن يحصل منه هذا في حال الخلوة؛ ليكون خالصاً لله -جل وعلا-.