للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذه المسألة مسألة البكاء من خشية الله و ((عينان لا تمسهما النار: عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله)) وأصيب كثير من .. ، قلوب كثير من الناس بالقسوة لا تراه باكياً، لا في الخلوة ولا في الجلوة، وأبعد القلوب من الله القلب القاسي، لكن يحرص الإنسان أن يتخذ خبيئة ينفرد بها بربه دون أن يراه أحد، ويلجأ إليه، ويتلذذ بمناجاته، لكن هذا يحتاج إلى قلوب سليمة، وقلوب حية، فعلى الإنسان أن يعالج القلب قبل ذلك ليحصل له مثل هذه النتائج.

((ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه)) الإنسان قد يذكر الله خالياً وتفيض عيناه لا من خشية الله، إنما يتذكر أو يتصور موقف أو شيء من هذا، فلا يلزم أن يكون خالياً، ويذكر الله ثم تفيض عيناه بسبب خشية الله -جل وعلا-، وإنما المطلوب أن يكون هذا البكاء من خشية الله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل، القدر على النار، وهو يصلي -عليه الصلاة والسلام-، قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فكيف بغيره ممن تلطخ بالذنوب، وزاول الذنوب، وباشر الذنوب بعدد أنفاسه؟! والله المستعان.

"متفق عليه".

"وعن يزيد بن أبي حبيب أن أبا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((كل امرئ في ظل صدقته)) " قد يكون الظل الذي جاء في الحديث السابق مثل هذا الظل الذي في هذا الحديث، تجسد هذه الأعمال الصالحة حتى تكون ظلاً، ولا مانع أن يقلب الله -جل وعلا- المعاني إلى أجسام، البقرة وآل عمران تأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان تحاجان عن صاحبهما، تظلانه، مثلما هنا: ((كل امرئ في ظل صدقته حتى يفصل بين الناس -أو قال- حتى يحكم بين الناس)) تجسد هذه المعاني حتى تكون أجساماً ينتفع بها صاحبها.

"قال يزيد: وكان أبو الخير لا يخطئه يوم لا يتصدق فيه بشيء" هذا من الامتثال، من تمام الامتثال، من تمام التطبيق.