"فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال، فقال:((لو تأخر الهلال لزدتكم)) كالمنكل لهم" المعاقب لهم على اعتراضهم، المعاقب لهم على إلحاحهم واعتراضهم وإلحاحهم على نهيه -عليه الصلاة والسلام-، لا يظن بهم الاعتراض على الحكم الشرعي، وإنما هو سببه الرغبة في الخير، وإنما سببه الرغبة في المزيد من الخير، كما تذاكر الثلاثة عبادات النبي -عليه الصلاة والسلام- فقال أحدهم: إنه يقوم ولا ينام، وقال بعضهم: يصوم ولا يفطر، وقال بعضهم: لا ينكح النساء، فبلغ ذلك النبي -عليه الصلاة والسلام-، هذا لا شك أن الباعث عليه هو الرغبة في الخير، لكن كم مريد للخير لا يصيبه، هذا خلاف سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- يقوم وينام، ويصوم ويفطر، ويتزوج النساء، قال:((فمن رغب عن سنتي فليس مني)) النبي -عليه الصلاة والسلام- لما نهاهم عن الوصال وراجعوه في الوصال، قالوا: إنك تواصل، وأصروا على ذلك، أبوا أن ينتهوا عن الوصال لمزيد رغبتهم في الخير "واصل بهم يومًا، ثم يومًا، ثم رأوا الهلال" ولو لم يروا الهلال لزادهم في الوصال، لزادهم ثالث ورابع، حتى ينقطعوا عن اعتراضهم، وحتى يعرفوا أن ما دلهم النبي -عليه الصلاة والسلام- هو الأكمل، فلا خير إلا دل الأمة عليه، ولا شر إلا حذرهم منه.
"كالمنكل لهم" معاقب لهم -عليه الصلاة والسلام- "حين أبوا أن ينتهوا" متفق عليه، واللفظ لمسلم".