((فليس لله تعالى حاجة في أن يدع طعامه وشرابه)) وليس معنى هذا أن الصيام يبطل، لا، قد يكون ثواب الصيام مقاوماً بقول الزور، فلا يترتب عليه أثر، والصيام الذي لا يحقق العلة التي من أجلها شرع الصيام، لا ينتفع به الإنسان، نعم قد يسقط به الطلب، ولا يؤمر بالإعادة، لكن الذي لا يحقق التقوى هذا تترتب عليه آثار، ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً)) ((ورمضان إلى رمضان كفارة لما بينهن)) لكن الصيام الذي لا يحقق العلة لا تترتب عليه هذه الآثار {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [(١٨٣) سورة البقرة] الذي لا يؤثر فيه صيامه ويقوده إلى التقوى هذا لا ينفع، كما أن الصلاة التي لا تؤدى على وجهها فإنها لا تترتب عليها آثارها لا من حيث الأجر، ولا من حيث الانتفاع في الواقع العملي {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [(٤٥) سورة العنكبوت] كثير من الناس يصلي ولا تنهاه صلاته؛ لأنها لم تقع على مراد الله -جل وعلا-، ومراد رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا الصيام.
فكما أن المصلي قد يخرج من صلاته وليس معه شيء من الأجر، أو معه شيء يسير كالعشر، هذه الصلاة يقول شيخ الإسلام: إن كفرت نفسها فبها ونعمت، يكفي أن تكفر نفسها، لا أن تكون كفارة لما بينها وبين الصلاة الأخرى، وكذلك الصيام، وكذلك الحج وسائر العبادات، فعلى المسلم أن يحرص أن تكون عباداته كلها مؤثرة في واقعه، مقربة إلى ربه "رواه البخاري".
"وعن زيد بن خالد الجهني عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((من فطر صائماً كتب الله له مثل أجره)) " من فطر صائماً ولو على شيء يسير، على تمرة، على جرعة ماء، ومذقة لبن، لا يلزم أن يفطره بما يشبعه، المقصود أنه ينقله من حال الصيام إلى حال الإفطار بالطعام.
" ((من فطر صائماً كتب الله له مثل أجره)) " والدال على الخير كفاعله، فضل الله واسع، الذي يتسبب في تفطير الناس ولو لم يكن من ماله يكتب له من الأجر مثل أجر المفطر؛ لأن الدال على الخير كفاعله.