"وعن أم الفضل بنت الحارث أن ناساً تماروا عندها يوم عرفة" والرسول -عليه الصلاة والسلام- واقف بعرفة، سمعنا أن صيام يوم عرفة يكفر السنة الماضية والباقية، يكفر سنتين، فهل يحرم منه الحاج؟ حاج يقول: أنا أقف في هذا الموقف العظيم، وأتعرض لنفحات الله، وأصوم، أتقرب إلى الله بالصيام، رجاء أن يكفر عني الذنوب الماضية واللاحقة، تماروا اختلفوا، فبعض الناس قالوا: الرسول -عليه الصلاة والسلام- صائم؛ لأنه ما يمكن أن يفوت هذه الفرصة يكفر سنتين ولا يصوم، وبعضهم قال: لا، الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما صام.
"تماروا عندها يوم عرفة في صيام رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه -أم الفضل- بقدح لبن، وهو واقف على بعيره فشربه" متفق عليه، واللفظ لمسلم".
وهكذا يجب أن يكون القدوة حاضر في مواضع الحاجة إليه، أما أن يترك الناس يدوكون ويبحثون ويسألون ولا يجدون من يكشف لهم الأمر، وآخر من يتكلم في كثير من المجالات هو القدوة، هذا ليس بمنهج شرعي ولا نبوي، هذا تقصير، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما حصل هذا شرب القدح وهو واقف على بعيره، يراه الناس كلهم، وهناك في كراع الغميم شرب والناس ينظرون كلهم، ينبغي أن يكون القدوة أول من يحضر في مثل هذه المناسبات؛ لئلا يترك الناس حيص بيص؛ لأنه في بعض المناسبات تفوت هذه المناسبة والناس ما يدرون ما يفعلون، والقدوة غائب، هذا صنيعه -عليه الصلاة والسلام-، في كل مناسبة يجب أن يحضر، وعلى أتباعه من ورّاث نبوته العلماء أن يكونوا حاضرين في كل مناسبة، يحتاج إليهم فيها، أما أن تلوك ألسنة الناس من جميع الفئات ما يحتاج إليه المسلمون في دينهم، ثم نجد آخر من يتكلم من يجب عليه البيان هذا تقصير، وهو مسئول عن هذا أمام الله -جل وعلا-.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- أتي بقدح فشرب على البعير، يراه الناس كلهم؛ لأن الناس يحتاجوه في هذا الموضع، ولا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وهذا هو واجب ورّاث علمه ونبوته من أهل العلم.