"وعن أبي أيوب الأنصاري -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)) رواه مسلم، وقد روي موقوفاً".
لكن العبرة بما خرجه مسلم من رواية الحديث مرفوعاً، ولا إشكال فيه، وعامة أهل العلم على استحباب صيام الست من شوال، ولا يعرف مخالف إلا الإمام مالك -رحمه الله-، فإنه قال في موطئه: إنه لم ير أحداً من أهل العلم والفقه يصومها، وعلته في ذلك أن الخبر لم يثبت عنده، والأمر الثاني: ألا يظن وجوبها، يعني لزوم الناس لها قد يظنه بعض الجهال أنها واجبة، ولكن هذا الكلام لا يمكن أن يستقيم مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)) لأن رمضان عن عشرة أشهر، والستة الأيام عن ستين يوماً، الحسنة بعشر أمثالها، فصيام رمضان وست شوال كأن الإنسان صام الدهر كله.
طيب صيام رمضان مع الست من شوال ممدوح وإلا مذموم؟ ممدوح، صيام الدهر ممدوح وإلا مذموم؟ ((لا صام من صام الأبد)) نعم، فهو مذموم، كيف يشبه الممدوح بالمذموم؟ نقول: لا يلزم من التشبيه أن يكون مطابقاً المشبه للمشبه به من كل وجه، لا تلزم المطابقة من كل وجه، فقد يكون وجه الشبه من وجه دون وجه، فكأنه استوعب الأيام كلها بالصيام، لكن لو صام الدهر على الخلاف في ذلك من أهل العلم من يقول: حرام، ومنهم من يخص التحريم بما إذا صام الأيام المحرمة، المقصود أن التشبيه لا يلزم مطابقة المشبه بالمشبه به من كل وجه "رواه مسلم".
((من صام رمضان ثم أتبعه)) والتابع لا بد أن يكون بعد نهاية المتبوع، وإلا ما يسمى تابع، إلا إذا انتهى المتبوع يأتي التابع، فعلى هذا من بقي عليه شيء من رمضان فإنه لا يصح منه صيام الست إلا إذا أكمل رمضان ليصح أنه أتبع رمضان الست من شوال، ولذا من عليه قضاء من امرأة عذرت فأفطرت في رمضان يلزمها أن تقضي قبل الست، من سافر في رمضان وأفطر في رمضان يلزمه القضاء قبل الست؛ ليصح أنه أتبعه ستاً من شوال، أما من صام الست وفي ذمته شيء من رمضان لا يصح أنه أتبعه ستاً من شوال.