((من صام رمضان)) شرط، وستاً نكرة في سياق الشرط تعم، أي ست من أوله، من أثنائه، من آخره، مجتمعة، مفرقة، لكن الإتباع يوحي بأن الأفضل أن تكون تبعاً له مباشرة، تتبعه مباشرة، لكن لو صام من أثنائه، أو من آخره مجتمعة أو متفرقة صح أنه صام ستاً من شوال، وست مؤنث، والأيام مذكر، لما لم يذكر التمييز جاز التذكير والتأنيث، ولو ذكر التمييز للزم التذكير ستة أيام من شوال.
عائشة -رضي الله عنه- تقول:"كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان لمكان النبي -عليه الصلاة والسلام- مني" هل يقال: إنها تترك الست؟ تترك يوم عرفة؟ تترك ... ؟ أو نقول: إن هذا يجوز أن تقدم هذه المواسم المؤقتة التي تفوت والقضاء لا يفوت؟ خلاف بين أهل العلم، لكن مقتضى الحديث أن الست لا تصح ممن في ذمته شيء من رمضان، وهذا هو المرجح أن الإنسان لا يصوم الست إلا إذا فرغ من صيام رمضان.
"وعن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من عبد يصوم يومًا في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم وجهه عن النار سبعين خريفًا)) " يعني سبعين سنة، بسبب صوم يوم ((في سبيل الله)) وفي سبيل الله إذا أطلق كما أطلق في آية الصدقة ينصرف إلى الجهاد في سبيل الله، وعلى هذا حمله الإمام البخاري، فترجم في كتاب الجهاد: باب الصيام في الجهاد، فحمله على الصوم في الجهاد، وأن من جمع بين الجهاد، جهاد العدو بالسنان، وجهاد النفس بالصيام يحصل له هذا الأجر بخلاف من صام مبتغياً بذلك وجه الله في غير الجهاد، ومن أهل العلم من حمله على الصيام في سبيل الله، يعني مبتغياً بذلك وجه الله -جل وعلا-، مخلصاً في ذلك لله -جل وعلا-، فإن الله يباعد وجهه عن النار سبعين خريفاً، ولو لم يكن في الجهاد، وفضل الله واسع "متفق عليه، ولفظه لمسلم".