"وعن عائشة -رضي الله عنها- قالت: "كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم" الرسول -عليه الصلاة والسلام- حياته كلها جهاد، وتبليغ لدعوة الله -جل وعلا-، فقد تتابع عليه الأيام منهمكاً في جهاد مثلاً، أو في دعوة، أو في استقبال وفود، وما أشبه ذلك فيؤخر الصيام يفطر أيام متتابعة، حتى يقول الناظر له: الرسول -عليه الصلاة والسلام- ما هو بيصوم، ثم يسنح له فرص وشيء من الفراغ يستغلها بالصيام حتى نقول: إنه لا يفطر، وهكذا يفعل أتباعه ممن ينوء بأحمال الأمة، يعني الأمة لا بد لمن يقوم لله بالحجة فيحمل هم الدعوة والتعليم والقضاء وغير ذلك ممن هو بمثابة عالم الأمة، مثل هذا لو صام في بعض الأيام والأمة بحاجته إلى أمر عام، هل يكون الصيام في حقه أفضل؟ لا، نقول: هذا يفطر حتى تسنح الفرصة بحيث تمر عليه الأيام والأسابيع ما يصوم.
"يفطر حتى نقول: لا يصوم" ثم تسنح له فرص؛ لأن الدنيا فرص يجب على المسلم أن يستغلها يحصل عنده شيء من الفراغ فيستغل هذا الفراغ بالصيام، وهذا شأنه وهذا ديدنه، وهذه طريقته -عليه الصلاة والسلام-.
" كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يصوم حتى نقول: لا يفطر، ويفطر حتى نقول: لا يصوم، وما رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- استكمل صيام شهر قط إلا رمضان، وما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان" متفق عليه، وهذا لفظ مسلم".
"ما رأيته في شهر أكثر منه صياماً في شعبان" هل يلزم من هذا أنه يصوم في النصف الثاني من شعبان، وقد جاء فيه:((إذا انتصف شعبان فلا تصوموا))؟ لا يلزم، يعني إذا صام نصفه الأول نعم، المقارنة ليست بالنسبة للشهر، يعني لا يعني أنه يصوم أكثر الشهر، إنما يصوم في هذا الشهر أكثر من الأشهر السابقة، في غيره من الأشهر، مع أنه جاء:((أفضل الصيام صيام شهر الله المحرم)).