للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المقصود أن هذا الحديث شأنه عظيم، ورغم عظمته ومسيس الحاجة إليه لم يثبت عن أحد من الصحابة إلا عن عمر بن الخطاب، ولم يثبت عن عمر إلا من طريق علقمة بن وقاص الليثي، ولا عن علقمة إلا من طريق محمد إبراهيم التيمي، ولا يروى عنه بسند صحيح أو مقبول إلا من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري وعنه انتشر، حتى بلغ رواته عند يحيى بن سعيد فيما قيل سبعمائة، وإن كان الحافظ ابن حجر ينازع في بلوغ العدد، وأنه حرص وتعب على جمع طرقه ورواته عن يحيى بن سعيد فما استطاع تكميل المائة، فالمقصود أن هذا مجمع على صحته، ومتلقىً بالقبول، ومخرج في الصحيحين فلا كلام لأحد، وإن كان فرداً مطلقاً، بل هو مثال للفرد المطلق.

وكون الحديث لا يروى إلا من طريق عمر، ولا يروى عنه إلا من طريق علقمة، وتتلقاه الأمة بالقبول فيه الرد العملي على من يرد الخبر الواحد أو يرد ما تفرد بروايته راوٍ واحد، وإن قال بهذا بعض العلماء، وأن هذا شرط لصحة الخبر أن يروى عن اثنين فأكثر، أو شرط للبخاري في صحيحه، لكن هذا الكلام ليس بصحيح، وفي هذا الحديث رد على من يقول بذلك.

وليس شرطاً للصحيح فاعلمِ ... وقد رمي من قال بالتوهمِ

يعني: تعدد الرواة، ويفهم ويومئ كلام الحاكم إلى اشتراط العدد، والبيهقي أيضاً أشار إلى شيئاً من ذلك، والكرماني الشارح -شارح البخاري- أشار في مواضع إلى أن شرط البخاري أن يروي الحديث أكثر من واحد، ابن العربي في عارضة الأحوذي قال: إن حديث: ((هو الطهور ماؤه)) لم يخرجه البخاري لأنه لم يثبت إلا من طريق واحد، لكن ماذا يصنع بهذا الحديث؟! أول حديث في الصحيح، وآخر حديث في الصحيح فرد مطلق في هذا رد على من اشترط العدد في الرواية، رد عملي.

فالحديث أو الخبر عموماً إذا بلغ من طريق من يقبل قوله وتقبل روايته صار حجة ملزمة ولو تفرد به، ما لم يخالف من هو أوثق منه، حجة ملزمة؛ لأن هذا يثير إشكال عند بعض الناس، يعني: هل يتردد أحد في صحة حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) بل لو أقسم أحد على أنه صحيح ما حنث.