وقال أهل العلم: لو طلق شخص زوجته أن هذا الحديث صحيح ما طلقت زوجته، وتوجد الدعاوى من المعتزلة وأتباع المعتزلة أن خبر الواحد لا يقبل، وهذه حكمة، هذا الحديث خطب به على المنبر ومع ذلك لا يثبت إلا من طريق واحد، حكمة إلهية أن يبرهن على قبول الخبر الواحد بمثل هذا الخبر، بمثل هذا الحديث، وإذا بلغ الخبر لزم العمل به إذا كان ممن تقبل روايته، ولا يلزم في ذلك التعدد في الرواة، ويستشكل كثير من الباحثين ما يُذكر عن الأئمة من مئات الألوف من الأحاديث التي يحفظونها، فالإمام أحمد سبعمائة ألف، وأبو داود خمسمائة ألف، والبخاري مائة ألف، وغيرهم كثير، أين ذهبت هذه الأحاديث؟ لو جمعنا ما في كتب السنة ما بلغت هذا القدر ولا عشره، ولا عشر هذا العدد، هل نقول: إن الأمة فرطت بشيء من دينها؟ كلا، الدين محفوظ، والأمة معصومة من أن تفرط بدينها؛ لأنه محفوظ، ضمان بقائه إلى قيام الساعة معلوم، هو من هذا النوع، الحديث خطب به على المنبر فحفظه المئات، ثم بعد ذلك عند الأداء أداه من تقوم به الحجة، فلا يلزم أدائه من جميع الناس، فالخبر إذا أداه من تقوم به الحجة يكفي، على أن الأعداد المذكورة عند أهل العلم هي بالتكرار، رُب حديث يروى عن طريق مائة فيكون مائة حديث عندهم، ويدخل فيه أيضاً فتاوى الصحابة والتابعين.
وفيه ما فيه لقول الجعفي ... أحفظ منه عُشر ألف ألفِ
ولعله أراد بالتكرارِ ... لها وموقوفٍ وفي البخاري
المقصود أن مثل هذه الأعداد لا تشكل علينا، بأن يقول قائل أو يثير من يريد أن يشكك، من أراد أن يشكك يقول: الإمام أحمد يحفظ سبعمائة ألف حديث وين الأحاديث؟ الدين ضاع، ولعل ما ينصره من قول مخالف للشرع على حد زعمه في حديث ضُيع أو الحديث الذي يستدل به عليه معارض بحديث ضيع في ضمن ما ضيع من مئات الألوف من الأحاديث التي يحفظها الأئمة، نقول: هذا الكلام ليس بصحيح، الأمة معصومة من أن تفرط بدينها، والدين محفوظ ومضمون بقاؤه إلى قيام الساعة، لكن لا يلزم أن يروي الحديث كل من سمعه لا يلزم؛ لأن الأمر بالتبليغ:((بلغوا عني ولو آية)) ((وليبلغ الشاهد الغائب)) هذا إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ولا يلزم الباقين أن يبلغوا.