"قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنما الأعمال بالنيات)) " إنما: أداة حصر، فالأعمال محصورة بنياتها، فوجود العمل وجوده حقيقة العمل الشرعية مرتبطة بالنية، قد توجد صورة العمل، لكن هذا الوجود لا قيمة له؛ لأن العبرة بالوجود الشرعي، ولذا قال النبي -عليه الصلاة والسلام- للمسيء:((صل فإنك لم تصل)) لقائل أن يقول: صلى ركع وسجد وقام وقرأ، لكن نقول: لا، هذه الصلاة لا قيمة لها، وإن وجدت صورتها، العبرة بالحقيقة الشرعية، فالأعمال الشرعية وجودها الشرعي بالنيات، بنياتها، ويختلف أهل العلم في تقدير متعلق الجار والمجرور، فمنهم من يقدر الصحة، ومنهم من يقدر الكمال، لكنهم لا يختلفون في اشتراط النية لصحة المقاصد، وإن اختلفوا في اشتراطها بالنسبة للوسائل، الصلاة لا يصححها أحد من أهل العلم بغير نية، لكن يوجد من يصحح الوضوء بغير نية لأنه وسيلة، وعامة أهل العلم على أن الوضوء عبادة تشترط لها النية داخلة في الحديث، والذي لا يشترط النية في الوضوء يشترطها للتيمم مع أنه وسيلة، بل بدلاً عن وسيلة، فاشتراط النية والصدق فيها والإخلاص لله -جل وعلا- أمر معلوم عند أهل العلم، وبه يقول الكافة، إذا أنضاف إلى هذا الشرط الشرطُ الثاني الذي يدل عليه الحديث الثاني وهو أن يكون العمل موافقاً لما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي ذكره في الحديث الثاني.