((إنما الأعمال)) الأعمال: الأصل أن (أل) هذه جنسية، يصلح أن يكون مكانها (كل) كل الأعمال "إنما كل الأعمال أو جميع الأعمال بالنيات" أو يكون المقصود بها العهد، وهي الأعمال المعهودة الشرعية صحتها بالنية، الذي يقدر اللام جنسية يطرد قوله في الأعمال الشرعية وغير الشرعية، فالشرعية تشترط النية لصحتها، وغير الشرعية تشترط النية لترتب الثواب عليها فتكون الجنسية، جميع الأعمال تفتقر إلى نية، فإن كان العمل شرعي مما يتقرب به إلى الله -جل وعلا- توقفت صحته على النية، وإن كان العمل عادي من أمور الدنيا توقف ثوابه على النية وإن صح بغير نية، فالذي يطلب العلم الشرعي والعلم الشرعي المبني على الوحيين عبادة لا يصح إلا بنية خالصة لله -جل وعلا-، وإذا دخلت هذه النية لا شك أن المتعلم في هذه الحالة على خطر، وإذا انعدمت هذه النية وتعلم لينال بذلك الدنيا أو الشرف أو ليقال: صار من الثلاثة الذي هم أول من تسعر بهم النار -نسأل الله السلامة والعافية-، لكن انظر إلى الطبيب والمهندس هذه من أمور الدنيا لا يشترط في صحة العمل نية، فلو طلبه للدنيا طبيب ليرتزق، مهندس يقصد بذلك الدنيا ليعيش، مزارع كذلك، صانع كذلك، لكن من الذي يرتب الثواب على هذه الأعمال النية، إذا طلب هذا العلم أو هذا العمل بنية خالصة صالحة أثيب عليه وإلا خرج منه كفافاً.
((وإنما لكل امرئ ما نوى)) عرفنا أن صحة الأعمال وترتب الثواب على الأعمال إنما هو بالنيات ((وإنما لكل امرئ ما نوى)) ليس له من العمل غير ما نواه، فهذه منطوق هذه الجملة يؤكد مفهوم الجملة الأولى، فإذا لم ينو شيئاً لم يحصل له شيء، وإن نوى غير ما تدل عليه الجملة الأولى هذا الذي يطلب العلم لا لشيء مثلاً ليس له شيء، والذي يطلبه للدنيا {مَن كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لاَ يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلاَّ النَّارُ} [(١٦) سورة هود] هذا طلب للدنيا.