للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وعن المغيرة بن شعبة -رضي الله تعالى عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((إن الله -عز وجل- حرم عليكم)) " فالتحليل والتحريم إنما هو لله -جل وعلا-، والنبي -عليه الصلاة والسلام- إنما هو مبلغ عن الله -جل وعلا-، الرسل يبلغون عن الله ما يحله وما يحرمه على عباده، فجاء في بعض الأحاديث نسبة التحليل والتحريم إلى الرسل ((إن إبراهيم حرم مكة)) ((إن الله ورسوله ينهيانكم)) فالإضافة الحقيقة والنسبة الحقيقة إلى الله -جل وعلا-، وقد ينسب الفعل إلى الواسطة من باب التجوز {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنفُسَ} [(٤٢) سورة الزمر] مع قوله -جل وعلا-: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} [(٦١) سورة الأنعام] فالذي يتوفى الأنفس هو الله -جل وعلا-، لكن لما كان الرسل من الملائكة وسائط يتولون قبض روح الإنسان نسب إليهم، كما ينسب الفعل إلى الشخص نفسه، يصح أن تقول: مات زيد، وروحه خرجت حتف أنفه قهراً عليه، واللغة تستوعب ذلك، وتتسع له، فالله -جل وعلا- له التحريم والتحليل وليس لأحد شركة في هذا الأمر {اتَّخَذُواْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللهِ} [(٣١) سورة التوبة] عبدوهم وإلا ما عبدوهم؟ "قال: لسنا نعبدهم، قال: ((يحرمون الحلال فتحرمونه، يحلون الحرام فتحلونه؟! )) قال: نعم، قال: ((تلك عبادتهم)) فالتحليل والتحريم إنما هو لله -جل وعلا-، وهذا شرك في التشريع، والله المستعان.

((إن الله -عز وجل- حرم عليكم عقوق الأمهات)) عقوق الأمهات يعني عصيان الأمهات، وإيصال الأذى، أي نوع من أنواع الأذى من التأفيف فما فوق، كل هذا حرام على الولد تجاه أمه، والتنصيص على الأم لعظم حقها، وعدم قدرتها على الدفاع عن نفسها، وإلا فالأب أيضاً يحرم عقوقه كالأم، لكن عقوق الأم أشد؛ لأن حقها أعظم، ولأنها لا تستطيع أن تدافع عن نفسها غالباً.