((ومنع وهات)) منعاً حرم عليك المنع، منع ما يجب عليك دفعه من الزكوات الواجبة والنفقات الواجبة، لا يجوز لك أن تمنع الحق عن مستحقه "وهات" طلب وسؤال ما لا تستحقه من أمور الدنيا، فيكون الإنسان جماعاً مناعاً، هذا لا يجوز بحال، يمنع ما أوجب الله عليه {وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ} [(٣٣) سورة النور] ما هو من مالك هذا، من مال الله الذي آتاك الله وأتمنك عليه، ومع ذلك لا تسأل فالمسألة من غير حاجة تدعو إليها حرام "هات" هذه صفة، صفة زيد من الناس أنه لا يعطي، ومع ذلك ما جاءه بل يطلب، ديدنه المنع للواجبات وهات، إذا رأى شيئاً أو رأى شخصاً يظن أنه يبذل طلب منه، فالسؤال مذموم، بل من غير حاجة حرام، وجاء ذمه في النصوص.
((وكرهه لكم ثلاثاً: قيل وقال)) عمارة المجالس بالقيل والقال وكثرة الكلام، يتحدث بكل ما سمع، اليوم قيل كذا وقالوا كذا، قال زيد كذا، وقيل له كذا ((كفى بالمرء إثماً)) وفي رواية: ((كذباً أن يحدث بكل ما سمع)) قيل وقال، إضاعة الوقت والفراغ الذي هو نعمه من نعم الله -جل وعلا- بمثل هذا حسرة وندامة، وقوله:((كره)) لا يعني أنه كراهية اصطلاحية التي هي مجرد تنزيه لا يترتب عليها إثم، لا، إن كان قيل وقال في حدود المباح يمكن أن يقال هذا؛ لأنه إضاعة للوقت، لكن إن كان قيل وقال وإثارة وإشاعة للإشاعات من أجل بث الذعر بين المسلمين، أو الحط من قيمة بعض الناس، أو رفع شأن لبعض الناس الذين لا يستحقون، فمثل هذا لا يجوز، والكراهة حينئذٍ تكون للتحريم.