((وكثرة السؤال)) كثرة السؤال إذا كان السؤال في أمور الدنيا الصحابة بايعوا النبي -عليه الصلاة والسلام- أن لا يسألوا أحد، فكان أحدهم يسقط سوطه فينزل من دابته ويأخذه دون أن يقول لفلان من الناس: أعطني السوط، ومن أيسر الأمور أن يجلس الإنسان والشيء بجواره لو مد يده إليه أخذه: قم يا فلان هات مصحف، قم يا فلان هات لي ماء، قم يا فلان .. ، هذا كثرة السؤال، هذا سؤال، لكن الخدمة من غير طلب من الصغير للكبير مطلوبة من غير طلب، فخدمة الصغير للكبير من غير طلب من الكبير لا تدخل في مثل هذا، كثرة السؤال يشمل أيضاً السؤال في مسائل العلم إذا لم يقصد من السؤال التفقه والفائدة، إنما يقصد منه تعجيز المسئول، أو إظهار فضل للسائل؛ لأن بعض الطلاب يعرف الجواب، لكن يسأل لا ليعرف غيره الجواب وإنما ليظهر للحاضرين أنه لديه قدرة وفهم للموضوع، ويستطيع أن يسأل سؤالاً دقيقاً، هذا إذا لم يقصد به إفادة نفسه أو إفادة غيره دخل في هذا، وإن قصد من وراء ذلك تعجيز الشيخ، وإظهار عجزه، وتعالمه على من حضر فالأمر أسوء، وقد جاء النهي عن الأغلوطات، وجاء في قوله -جل وعلا-: {لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(١٠١) سورة المائدة] فقد يسأل الإنسان عن شيء يكون في جوابه ما يسوؤه، وقد سأل الصحابة النبي -صلى الله عليه وسلم- عن بعض الأشياء فقال فلان: من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم قال فلان: من أبي؟ قال: كذا، ثم غضب النبي -عليه الصلاة والسلام- غضباً شديداً، ثم قال:((سلوني، سلوني)) ليبين -عليه الصلاة والسلام- أن غضبه هذا ليس سببه العجز عن الجواب مثل ما يفعله بعض الناس، بعض الناس إذا سُئل سؤالين غضب وضاق بالسائل ذرعاً؛ لماذا؟ لأنه يخشى أن يرد عليه سؤال لا يعرف جوابه، فالرسول يقول:((سلوني، سلوني)) فبرك عمر -رضي الله تعالى عنه- بين يدي النبي -عليه الصلاة والسلام- واستعفاه من الأمر، وفرج عنه، المقصود أن مثل هذا الذي يقصد به التعنيت، أو يكون في جوابه ما يسوء السائل، أو يسوء بعض الحاضرين مثل هذا ينهى عنه.