والمناجاة لها لذة، وكثير من الناس من طلاب العلم لا يجد مثل هذا، بل لم يتلذذ بما هو بصدده الذي هو العلم والتعليم، فمثل هذا يحتاج إلى مزيد من الجهاد، يحتاج إلى صدق ولجوء إلى الله -جل وعلا- أن يعينه على تحقق هذه الحلاوة ليعيش في نعيم في الدنيا قبل الآخرة، وقد وجد الصحابة -رضوان الله عليهم- النعيم، وشموا رائحة الجنة، وتلذذوا بمناجاة الله، وقال القائل من سلف هذه الأمة وأئمتها: إنه في نعيم لو علم به الملوك لجالدوهم عليه بالسيوف، وكلامهم في هذا يكثر، بعضهم يتململ من طول النهار؛ لماذا؟ ليأتي الليل فيسدل عليه الستر لينطرح بين يدي ربه وخالقه بمناجاته، بعضهم يفرح إذا خلا البيت من العمار والسكان، الواحد منا إذا وجد في مكان خالٍ ضاقت به الأرض ذرعاً؛ لماذا؟ لأنه لم يعود نفسه بالصلة بالله -جل وعلا-، والأنس به، متى يجد الإنسان حلاوة الإيمان؟ في الحديث:((ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، المسألة تحتاج إلى جهاد، بعض الناس يؤثر زوجته على مراد الله ومراد رسوله، بعض الناس يؤثر ولده على مراد الله وعلى رسوله، وبعض الناس يؤثر رئيسه على أوامر الله وأوامر رسوله، مثل هذا ما يجد حلاوة الإيمان، إذا وجد التعارض فلا شيء مع مرضات الله -جل وعلا- ((من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما)) بل يحب الله -جلا وعلا- ويقدم أوامره ونواهيه حتى على رغباته وشهواته، وكذلك أوامر الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وسيأتي في الحديث الذي يليه:((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)) أحب إليه مما سواهما بما في ذلك النفس؛ ولذا لما قال عمر -رضي الله تعالى عنه-: إنك يا رسول الله أحب إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، قال:((بل ومن نفسك)) فقال: ومن نفسي، قال:((الآن يا عمر)) لا بد أن يكون حب الله وحب الرسول مقدم على النفس، وبرهان ذلك تقديم الأوامر والنواهي الشرعية على شهوات النفس، أما من يعصي الرب -جل وعلا-، ويزعم أنه يحبه أو يحب الرسول يزعم زوراً وبهتاناً أنه يحب الرسول -عليه الصلاة والسلام-، ويأتي بالمخالفات، ويأتي بالبدع،