للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

((وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر بعد إن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار)) وفي رواية: ((أن يقذف في النار)) يكره أن يعود في الكفر، ولا يحس بهذا إلا من كان في أول الأمر كافر، أما من ولد في الإسلام فإحساسه بهذا أقل، ولا شك أن من كان كافراً وعرف الكفر وعرف الشر وعاش عيشة الكفار، الجملة الأخيرة في الحديث: ((وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه، كما يكره أن يلقى في النار)) يعني لو خُيَّر بين أن يرجع ويرتد عن دينه بعد أن دخل فيه، أو يقذف في النار؛ لأنه في الحديث كما يكره يعني على حد سواء مثل ما يكره، يكره أن يعود في الكفر بقدر كراهيته لإلقائه في النار، لكن لو وجد مثلاً شخص عاش في جاهلية في كفر، ثم أسلم ووقر الإيمان في قلبه، وخالط قلبه بشاشة الإيمان، ثم عرض عليه إما أن ترتد أو نلقيك في النار، كما حصل لأهل الأخدود، لأصحاب الأخدود، لا شك أنه إن ارتكب العزيمة وقبل الإلقاء في النار هذا أكمل أو ما هو بأكمل؟ أكمل، لكن إن ترخص ونطق بكلمة الكفر وقلبه مطمئن بالإيمان فالرخصة تسعه {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(١٠٦) سورة النحل] لكن إذا قبل الإلقاء في النار لا شك أنه كره أن يعود للكفر أشد من الإلقاء في النار، لكن لو أحجم عن الإلقاء في النار وقال كلمة الكفر لا شك أنها مرتبة أدنى وأنقص؛ لأن المسألة مفترضة في استوائهم ((كما يكره أن يلقى في النار)) متى يكون مثل هذا؟ هذا في الكلام النظري، لكن إذا جاء المحك العملي، وهدده من يملك إيقاع الفعل ثبت على دينه وارتكب العزيمة صار كراهيته للعود إلى الكفر أعظم من أن يلقى في النار، وإن ترخص فالحمد لله الدين فيه فسحة، وهذا منصوص عليه {إِلاَّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ} [(١٠٦) سورة النحل] فالدين يشمله، والرخصة تسعه، لكن العزيمة أكمل.

نعم.

وعنه -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين)).

يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: