الكلام هو: اللفظ المركب المفيد بالوضع، فقولهم: بالوضع يعني بالقصد، فعلى هذا لا يدخل كلام النائم ولا كلام المجنون، ولا كلام الطيور، لا يسمى كلام في لغة العرب، ومنهم من يقول: المراد بالوضع يعني بوضع اللغة العربية، لكن يترتب على هذا أن كلام الأعاجم لا يسمى كلاماً، واضح الفرق؟! على هذا نقول: كلام المجنون وكلام من لا يقصد الكلام مثل النائم، ومثل بعض أنواع الطيور هذا ليس بكلام، ولذا لما استدلوا بقول الله -جل وعلا-: {أَفْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَم بِهِ جِنَّةٌ} [(٨) سورة سبأ] المجنون يتصرف ويتكلم بكلام لا يقصده ولا يريده ولا يفهم معناه، فكلامه ليس بكلام، فلا يقابل بالكذب من هذه الحيثية، لكن ما حصل منه -عليه الصلاة والسلام- على حد زعمهم وعلى حسب تصورهم أنه إن كان عاقلاً فقد افترى على الله كذباً، وإن كان مجنوناً قد قال كلاماً أو فعل فعلاً يناسب فعل المجانين، فلا يقابل هذا بهذا باعتباره كلاماً، فالمقابل للكذب هو الصدق ولا واسطة بينهما.