قال علم التفسير، قال علم الحديث، كل واحد يذكر فضله وميزته، قال علم الفقه، قال علم العقائد وهكذا، هذه مناظرات هل هذا صدق وإلا كذب؟ يعني: إذا عرضناه على الحد، هل هو مطابق للواقع أو مخالف للواقع؟ مخالف، لا يمكن أن يقول علم التفسير: أنا أشرف بشرف المقصود وبشرف الهدف؛ لأنني أبين كلام الله وهكذا، ما يمكن، أو يقول علم الحديث ما يقول، هذه مناظرات فعلها بعض العلماء، وقد يفعلونها بين فريقين، قال السني كذا، قال الجبري كذا، قال الرافضي كذا، قال الجهمي كذا، وهي من شخص واحد، هذا فن المناظرة، وفعله بعض أهل العلم، وتسمحوا في مثل هذا، قالوا: لأن المصلحة راجحة.
((وإذا وعد أخلف)) يعد بالهدية، يعد بأن يأتي إليه في وقت معين، ثم بعد ذلك لا يحصل، وإخلاف الوعد أمره عظيم لما يترتب عليه، فإذا قال لزيد من الناس: عندي لك كتاب كذا أعطيك إياه -إن شاء الله-، ثم بعد ذلك ما أعطاه إياه، أو قال له: آتيك في الساعة الفلانية، أجيك في الساعة الفلانية، وجلس ينتظره الساعة والساعتين فما جاء، لا شك أنه متضرر، ولذا صار هذا الوصف من علامات النفاق، وأهل العلم يقولون: إن مثل هذا الشنيع إنما يتجه في حق من كان في نيته الخلف مع الوعد، من الأصل ما هو موفي، أما من كان في نيته الوفاء ثم طرأ عليه بعد ذلك ما يطرأ فلا يدخل في مثل هذا، نعم هو خلاف الأولى، إذا قال: والله عندي لك كذا، ثم ذهب إلى البيت فوجد الكتاب قد يحتاجه أحياناً، أو النسخة التي يريد إهداءها له تختلف عن النسخة الثانية، ولها ميزة، وقال: احتفظ بالنسختين، وإذا قال مثلاً: إذا جاء الراتب أتصدق بمائة مثلاً، ثم بعد ذلك لما جاء الراتب طمع ووجد التكاليف كثيرة، والفواتير مجتمعة ترك، هذا عند أهل العلم هو مجرد وعد، لكن إن اقترن هذا الوعد بالعهد صار من علامات النفاق {وَمِنْهُم مَّنْ عَاهَدَ اللهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} [(٧٥) سورة التوبة] إلى أن قال: {فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ} [(٧٧) سورة التوبة] المقصود أن مثل هذه الأمور الأصل أنك إذا وعدت تفي، لكن إذا حصل لك ما يمنعك من الوفاء فأهل العلم لا يدخلونه في هذه الصورة.