((لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث)) هذا في مسائل أمور الدنيا، لكن لو حصل من إنسان مخالفة شرعية فالهجر شرعي، النبي -عليه الصلاة والسلام- هجر الثلاثة الذين خلفوا، هجرهم خمسين يوم، فوق ثلاث، فدل على أن الهجر لأمر الدين لا يتقيد بزمن حتى تترتب عليه الفائدة المرتبة عليه، فيهجر المخالف، يهجر العاصي، يهجر المبتدع حتى ينزجر، علماً بأن الهجر عند أهل العلم علاج، الأصل الصلة، فإذا هجر من أجل هذه المعصية فالهدف من ذلك أن يرتدع عن معصيته، لكن إذا كان الهجر يزيده، خلاص احتمال يستحي من الناس إذا خالطوه وعاشروه، فإذا هجروه نزع جلباب الحياء، وأصر وعاند وجاهر بمعصيته وزاد شره، نقول: الهجر علاج، ما ينفع مثل هذا تنفع الصلة، وكما أن الهجر موجود أيضاً التأليف موجود، والزكاة ركن من أركان الإسلام الأصل أن لا تصرف إلا لمن يحتاجها، وهذا الركن من أركان الإسلام صرفت للمؤلفة قلوبهم ولو كانوا أغنياء، فالتأليف باب من أبواب الدين في الشرع معروف، كما أن الهجر معروف، وكلاهما علاج، فبعض الناس يفيد فيه الهجر، ويرتدع إذا هجر، يرتدع إذا زجر، يرتدع إذا ترك لم يعاشر ولم يخالط، لكن بعض الناس يزداد شره إذا فعل معه هذا، بل بعض الناس يتمنى أن يهجره الناس لكي يأخذ راحته، ولا يجاملهم ولا يجاملونه، فمثل هذا يسلك معه المسلك الآخر، فإن لم ينفع رجع إلى الهجر فيجرب هذا وهذا.