((خيرهما الذي يبدأ بالسلام)) يعني بالهجر الذي يرفع القطيعة، ويرفع الهجر عند أهل العلم السلام، يتصور أن زيداً وعمرو متقاطعين متهاجرين فمر أحدهما بالآخر فقال زيد: السلام عليكم، هذا خيرهما، وارتفع الهجر بالنسبة له، لكن إذا كان زيد قد عود عمرو على شيء من الإكرام والتقدير والنفوس في الغالب على ما تعودت، أو كان زيد قريب له، أو له حق عليه، أخ أكبر منه، أو عم، أو ما أشبه ذلك حصل شيء من سوء التفاهم فتقاطعا، ثم بعد ذلك جاء زيد إلى عمرو قال: السلام عليكم إما في شارع أو في هاتف أو ما أشبه ذلك، من أهل العلم من يقول: لا يزول الهجر إلا بأن تعود الحال إلى ما كانت عليه قبله، لا يكفي السلام، والحديث دليل على أن السلام كافي، هذا هو الأصل، فإذا عادت الأمور إلى مجاريها أكمل.
نعم.
عن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقاً، وإياكم والكذب فإنه الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً)).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"وعن عبد الله بن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((عليكم بالصدق)) " إغراء، ((عليكم بالصدق)) الصدق مطابقة الواقع بالكلام، ومخالفته هو الكذب كما تقدم، ولا واسطة بينهما عند أهل السنة، والمعتزلة أثبتوا الواسطة.
((عليكم بالصدق، فإن الصدق يهدي إلى البر، وإن البر يهدي إلى الجنة)) {وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ} [(١٧٧) سورة البقرة] فهو يهدي إلى هذه الأمور إلى البر الذي جاء تفسيره في الآية، الصدق يهدي، والحسنة تقول: أختي، فالصدق ما دام ممدوحاً وهو حسناً في الميزان الشرعي والمعيار الشرعي فإنه يهدي إلى ما هو أعظم منه من الأعمال الخيرية والبر، وهذه الأعمال التي مجموعها يحصل البر المفسر في الآية يهدي إلى الجنة، يقود ويوصل إلى الجنة.