عندنا النص المطلق حديث الباب والنص المقيد الذي قوله:((فيما يبدو للناس)) قاعدة حمل المطلق على المقيد تقتضي ذلك، وأن من عمل لله بعمل أهل الجنة محققاً شروط القبول، مخلصاً لله -جل وعلا-، متابعاً لنبيه -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يحصل له مثل هذا؛ لأن الحديث تفسيره الرواية المقيدة ((فيما يبدو للناس)) وأهل العلم يقولون: الفواتح عنوان الخواتم، وأنه إذا وجد تغير في آخر العمر دل على أن عمله السابق غير خالص لله -جل وعلا-، والرواية المطلقة قد يكون خالص لله -جل وعلا-، يرجو ثواب الله، ويخشى عقاب الله، مخلصاً لله، متابعاً لنبيه، ثم بعد ذلك يحصل له ما يحصل، فهل يحمل المطلق على المقيد؟ وهل يستطيع المسلم أن يأمن على نفسه مع هذه النصوص حتى بالروايات المقيدة؟ القلب بين أصبعين من أصابع الرحمن، وما سُمي القلب إلا أنه يتقلب، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يكثر من قوله:((يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك)) فمثل هذه الأمور لا بد أن تورث خوف، ووجل في نفس المسلم، لا يقول: أنا والله أنا أعمل مخلص لله -جل وعلا-، متابع، حريص على اتباع السنة، وأنا في مأمن من أن .. ، لا، ما يمكن، دعواك هذه وتصورك عن نفسك هذا التصور قد يوقعك في المكر، ويُمكر بك وأنت لا تشعر، والسلف عموماً عندهم خوف شديد من سوء العاقبة، وديدنهم الدعاء بحسن الخاتمة، نسأل الله للجميع حسن الخاتمة، فعلى الإنسان أن يحسن عمله، ويخلص في عمله، ويتابع ويحرص على متابعة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويلهج دائماً بدعاء الله -جل وعلا- أن يثبته على دينه حتى يقبضه.
نعم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- .... "
هنا مسألة يمكن أن يشار إليها، وهي أن شخصاً عمل بعمل أهل الجنة مخلصاً لله -جل وعلا-، متابعاً لنبيه -عليه الصلاة والسلام- مدة طويلة سبعين أو ثمانين سنة وقبض على ذلك، وهو على خير عظيم، وأنه لا يجزم له بشيء، لكنه على غير عظيم، وآخر عمل نفس المدة بضد ما عمله الأول، ما ترك فاحشة ولا جريمة ولا كبيرة ولا صغيرة إلا ارتكبها، نفس المدة ثمانين سنة، في آخر عمره وفق لتوبة نصوح، أيهما أفضل؟ الأول وإلا الثاني؟