للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"وروى عن جابر" يعني مسلماً راوي الحديث السابق، روى مسلم عن جابر في صفة حج النبي -صلى الله عليه وسلم- الحديث الطويل، المخرج في مسلم وفي غيره، الذي ضبطه وأتقنه جابر بن عبد الله -رضي الله عنه-، فسبر الحجة ووصفها كما رأى من خروجه -عليه الصلاة والسلام- من بيته إلى رجوعه إليه، فهي حجة متكاملة، واعتنى بها أهل العلم، وشرحت في مصنفات مستقلة، وجمعت طرق الحديث أيضاً في أجزاء فالعناية بهذا الحديث عناية بحج النبي -عليه الصلاة والسلام-، امتثالاً لقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((خذوا عني مناسككم)) وأهل العلم كما شرحوه ضمن صحيح مسلم شرحوه أيضاً على جهة الاستقلال، فالحديث في غاية الأهمية، وهو منسك متكامل لحجة صحيحة، لكن يبقى أن هناك مسائل من مسائل الحج تؤخذ من غيره، فالمحظورات توجد فيه وإلا ما توجد؟ توجد المحظورات في هذا الحديث؟ ما توجد، فتؤخذ هذه المحظورات من نصوص أخرى، لكن من أراد أن يبين الحج الصحيح واعتمد على هذا الحديث، وعول عليه، فجابر -رضي الله عنه- أتقن الحجة أيما إتقان، ولذا يرجح كثير من أهل العلم ما جاء في حديث جابر على ما جاء في غيره، وإن كان في البخاري أو متفق عليه؛ لأن جابراً تميز بهذا الوصف الدقيق والمتابعة الدقيقة لحجة النبي -عليه الصلاة والسلام-.

قال: "وروى عن جابر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه أتى المزدلفة، فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين" دفع من عرفة لما غربت الشمس، لما غربت الشمس دفع من عرفة، واحتاج إلى النزول في الطريق ليقضي حاجته، فقال له أسامة: الصلاة، فقال: ((الصلاة أمامك)) يعني حتى نصل إلى المزدلفة، جمع، ولا تخفى المشقة الحاصلة للناس لو صلى النبي -عليه الصلاة والسلام- في الطريق، لكن النبي -عليه الصلاة والسلام- أراد التيسر على الناس، وجمع بين الصلاتين المغرب والعشاء بمزدلفة التي هي اسمها: جمع.