"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((ما من مولود)) " مولود نكرة في سياق النفي فهي للعموم، ومن هذه أيضاً للتأكيد، تأكيد العموم ((ما من مولود)) يعني لا يمكن أن يولد مولد يخرج عن ما ذكر ((إلا يولد على الفطرة)) وما في مولود يولد يهودي أو يولد نصراني إنما يولد على الفطرة، على الدين الصحيح ((فأبواه)) تأتي المؤثرات الخارجية، الأصل أنه على الدين الصحيح، على الميثاق الذي أُخذ عليه ((فأبواه)) لا شك أن للأبوين أثراً كبيراً في حياة الابن، فإذا كانا يهوديين سعيا في تهويده، وإذا كانا نصرانيين أثرا عليه فجعلاه نصرانياً، وإذا كانا مجوسيين فالأمر كذلك، فالبيئة لها أثرها على الشخص، وللأبوين من التأثير على الولد الأثر البالغ، فهو ينشأ عن تربيتهما، ويعيش في أحضانهما، ويتأثر بأقوالهما وأفعالهما، ولهما عليه من اليد والمنة ما يفرض هذا الأثر أحياناً، وللأب من القوة والسلطة على ابنه ما يجعله يؤثر عليه، فليحرص الآباء على أن يكون لهم أثر حسن في تربية أولادهم، فالذي يتولى تربيته أبوه وينشئه على الدين وعلى الخير والفضل، وكذلك الأم لا شك أنه أولاً: هذا جهاد في سبيل الله، تنشئة جيل صالح ينفع نفسه وينفع أمته ودينه هذا جهاد، لكن الملاحظ مع الأسف الشديد أن أكثر الآباء مشغول عن تربية أولاده، فإذا لم يتول الأب التربية تولاه الناس، فإن وفق لمعلم مشفق ناصح يأخذ بيده صار ذلك سبباً في هدايته، وإلا تلقفه الأشرار وحرفوه عن سواء السبيل، مع الأسف أن الأمهات وعملهن الأصلي التربية، انشغلن عن أولادهن بأعمالهن، أو بلا شيء أحياناً سهر وقيل وقال مع الأقارب والجيران في الليل، ونوم في النهار، ويُترك الأولاد، تترك تربيتهم للعاملات، وقد جاء هؤلاء العاملات من بلدان شتى، ومع الأسف أنه يوجد في العاملات من غير المسلمين، ووجد من أبناء المسلمين من يقسم بالمسيح في بيوت المسلمين، ووجد من يشرك، والأصل فيه أنه على الفطرة، ومن أبوين مسلمين، وقد يكون من أولاد بعض من يتنسب إلى العلم، والأم قد تكون صالحة وداعية أحياناً تنتقل من مكان إلى مكان، والأب يعلم الناس الخير ولا يفرغ لأولاده أن يوجههم، ويسدي