"والعشاء ركعتين بإقامة واحدة" هذا لا يتفق مع حديث جابر إلا إذا قلنا بإقامة واحدة لكل صلاة، لكن هذا خلاف الظاهر؛ لأنه لو أراد لكل صلاة لبين، ومثل هذا لا يحتاج إلى بيان، بإقامة واحدة لو أراد لكل صلاة لأن الذهن لا ينصرف إلى غيره، هل يمكن أن يقال بأكثر من إقامة لكل صلاة؟ من أجل أن يقال: بإقامة لكل صلاة؟ بإقامة واحدة كلمة واحدة هل يتصور أنها إقامتان لكل صلاة؟ لا شك أن الحمل على هذا خلاف الظاهر، وإن كان ممكناً للجمع بين الحديثين، وهو أولى من الترجيح؛ لأن الكل في الصحيح، بإقامة واحدة، ولا يمنع أن ابن عمر -رضي الله تعالى عنهما- سمع إقامة ولم يسمع الأخرى، لكثرة الناس؛ ولبعده من مكان النبي -عليه الصلاة والسلام- الذي قربه من يقيم الصلاة، هذا ما سمع، وجابر سمع الإقامتين فذكرهما.
"وفي رواية لأبي داود: "بإقامة واحدة لكل صلاة" هذا تفسير لرواية مسلم، وهذا يرجح القول بأن مراد ابن عمر بإقامة واحدة يعني عن كل صلاة، بدليل الرواية الأخرى علماً أنه لو لم تأتِ هذه الرواية لصح الحمل على أن ابن عمر لم يسمع الإقامة الثانية؛ لكثرة من حضر، والمثبت مقدم على النافي، وجابر -رضي الله عنه- حرص أتم الحرص على ضبط هذه الحجة، ثم نقلها بدقة.
"ولم ينادِ في الأولى" وهذه رواية شاذة، تفرد بها شبابة بن سوار دون أصحاب ابن أبي ذئب، وهم عشرة من الحفاظ ما ذكروا هذه اللفظة، هذه الجملة "لم ينادِ في الأولى" فهي شاذة غير محفوظة.