إذا صلى إلى غير القبلة، اجتهد وصلى إلى غير القبلة، بذل وسعه وهو من أهل النظر والاجتهاد في هذا أو أخبره ثقة إن كان ليس من أهل النظر بأنها هذه هي القبلة، ثم صلى، ثم تبين له أنه ليس على القبلة صلاته ليست على القبلة، أهل العلم يفرقون بين الصحاري والقفار والبلدان، يقولون: البلدان ليست محل اجتهاد؛ لأنه بإمكانه أن يذهب إلى مسجد وينظر المحراب، أو يستقصي الخبر من أهل البلد، أهل المعرفة والخبرة به، فيصل إلى اليقين، وأما من كان في البراري والقفار والصحاري وفي الأسفار فهذا يكفيه اجتهاده إن كان من أهل الاجتهاد، أو خبر الثقة إن كان ليس من أهل الاجتهاد، ممن يعرف العلامات، وبعضهم يكلف المصلي ويلزمه بغير لازم، فيأمره إذا اشتبه عليه الأمر أن يصلي إلى جهات أربع، إلى الأربع الجهات، فيكون بذلك قد أصاب القبلة، نظير ما يقولون فيما إذا اشتبهت ثياب طاهرة بنجسة فإنه حينئذٍ يصلي بعدد النجسة ويزيد صلاة لتكون صلاته بثوب طاهر يقيناً، وهذا يصلي صلوات حتى يجزم بأنه أصاب القبلة، لكن لو قلنا بهذا هل نكتفي بأربع صلوات؟ نعم؟ ما نكتفي، إنما نقول له: صل في هذا المكان الذي يسعك مقدار ذراع، ثم انتقل إلى ذراع ثانٍ بجواره إلى أن تصلي على دائرة، وما قال بهذا أحد من أهل العلم، لكنه لا يحصل اليقين إلا بهذا، أما أن يصلي إلى أربع الجهات، نعم على هذه السعة في هذا الحديث قد يصيب.
يقول: عندي لبس في حديث: ((لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا)) هل هذا لأهل المدينة؟ فكيف يكون هذا الحديث؟ هل نبول إلى جهة القبلة .... أم يحصل خلط عند بعض الناس في المراد بالقبلة؟
القبلة هي جهة الاستقبال في الصلاة، تجدون في نجد مثلاً يقولون: مكانه في القبلة، ويريدون بذلك الجهة الغربية، الجهة الغربية هي القبلة عندهم؛ لأنها قريبة منها، قريبة من هذا، فيحصل لبس، فإذا قيل: في جهة الغرب ولو كان في جدة، وقلنا: القبلة وطردنا ما كان عند أهل نجد مثلاً وقلنا: في جهة القبلة ونريد بذلك الغرب، اضطرب عندنا الأمر، فالقبلة بالنسبة لأهل جدة غير القبلة بالنسبة لأهل نجد.