((وارزقني)) وارزقني الرزق هو ما يسوقه الله -جل وعلا- للمخلوق، وقد كتب له بعد أن أمضى مائة وعشرين يوماً، كتب له رزقه، ولا يمكن أن يزيد ولا ينقص، فطلب الرزق المكتوب قد يقال: إنه من باب تحصيل الحاصل، لكنه ليس الأمر كذلك، فالدعاء سبب، والذين يقولون بأن الدعاء لا ينفع؛ لأن الأمور كتبت وانتهت أيضاً الأسباب الأخرى لو عطلوها لحكم عليهم بالجنون وهي مكتوبة، يعني بعض المتصوفة يقول: لا فائدة من الدعاء؛ لأنه إن كان مكتوباً لا بد من حصوله، وإن كان غير مكتوب فلن يحصل مهما دعيت.
أجاب ابن القيم في أوائل الجواب الكافي المعروف بالداء والدواء قال:"إذا قيل لأحدهم: لماذا تتزوج؟ قال: أريد الولد، قال: إن كان الولد مكتوب بيحصل، وإن كان ما هو مكتوب فلن يحصل، لماذا تتزوج؟ " الرزق مكتوب بلا شك، لكنه مكتوب مع أسبابه، والإنسان مأمور بالدعاء، ولا يدري ما في الغيب ((أعملوا فكل ميسر لما خلق له)) أنت مكتوب بعد شقي وإلا سعيد، تقول: ما أعمل؟ ((أعملوا فكل ميسر لما خلق له)) وبذل السبب لا بد منه، ولذا جاء في الحديث:((لو توكلتم على الله حق التوكل لرزقكم كما يرزق الطير)) تجلس في أوكارها أو تغدو وتروح؟ تغدو وتروح، تبذل الأسباب، يعني فبذل السبب لا ينافي التوكل، بذل السبب لا ينافي التوكل، فعلى الإنسان أن يبذل السبب، ولن يحصل إلا ما أراد الله -جل وعلا-، وما قدره وقضاه، وابذل السبب؛ لأنك مأمور به، وسئل الإمام أحمد عن قوم من أهل اليمن زعموا أنهم يتوكلون على الله -جل وعلا-، ويحجون بدون أسباب ولا أرزاق ولا مئونة، قال: هؤلاء توكلهم على المخلوقين، يتكففون الناس وإلا يموتون، وعمر يقول: إن السماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، وإن كان بعضهم استدرك على هذا بأن السماء أمطرت على أيوب وإلا داود ذهب؟ أيوب نعم، أمطرت عليه ذهب، ومع ذلك يبقى أن الأصل أنها لا تمطر ذهباً ولا فضة، نعم خوارق العادات والكرامات هذه لا تنكر، يعني من استحق الكرامة قد يجد الذهب بين يديه من غير سبب، لكن يجلس حتى يجد الذهب! يجلس في بيته حتى يجد الذهب! هذا خلل في العقل، فترك الأسباب خلل في العقل، والاعتماد على الأسباب خلل في الديانة.