وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئاً، فإن لم يجد فلينصب عصاه، فإن لم يكن معه عصا فليخط خطاً، ثم لا يضره ما مر أمامه)) رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه وابن حبان، وهو حديث مضطرب الإسناد، وكذلك ضعفه الشافعي وغيره، وصححه ابن المديني وغيره، وقال ابن عيينة: لم نجد شيئاً نشد به هذا الحديث، وقال البيهقي: لا بأس بهذا الحديث في هذا الحكم.
وعن أبي سهل بن أبي حثمة يبلغ به النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:((إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته)) رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان، وهو حديث مختلف في إسناده، وروي مرسلاً.
يكفي، يكفي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
[باب: أمور مستحبة وأمور مكروهة في الصلاة سوى ما تقدم]
الصلاة هي مجموعة أقوال وأفعال، منها ما هو أركان لا تصح بدونها، ومنها ما هو شروط تطلب لها خارجها، لا تصح مع القدرة عليها إلا بها، ومنها أمور واجبات تركها عن عمد مؤثر يبطلها، وتركها عن سهو يجبر كما يقرر أهل العلم بسجود السهو، ومنها أمور مستحبة، لا تبطل الصلاة بتركها، ولا يلزم لها سجود سهو، ومع ذلك من تركها عن عمد فهو محروم، حرم أجرها، ولن يصلي كما صلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، وبذلك أمر:((صلوا كما رأيتموني أصلي)) فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان يحافظ على المستحبات فضلاً عن الواجبات والأركان.
هناك أيضاً أمور مكروهة، هناك أمور محرمة مؤثرة في الصلاة، إن كانت مناقضة لمقتضى الصلاة مؤثرة في ذاتها في شيء مؤثر فيها كشرط أو ركن هذه لا تصح الصلاة معها، المنهيات عند أهل الظاهر كل نهي يقتضي التحريم، وكل تحريم يقتضي البطلان، هذا أمر مفروغ منه، لكن عند الجمهور إذا كان هذا النهي يعود إلى ذات الصلاة، إلى ذات المنهي عنه فلا شك أن هذا مبطل، كذلك إذا عاد النهي إلى شيء مؤثر كالشرط والركن، فإن هذا أيضاً يقتضي البطلان؛ لأن المورد واحد، على ما يطلب وعلى ما يحذر وينهى عنه.