أما إذا عاد هذا النهي إلى أمر خارج هذا لا يؤثر ولو اقترن به الإثم بأن كان محرماً، لكنه حينئذٍ لا يؤثر في الصلاة، الصلاة صحيحة.
هناك أمور مكروهة لا تقتضي البطلان، ولا يلزم منها الإثم، وإنما فاعلها محروم، حرم من أجر الترك، من أهل العلم من يرى أن كل فعل مخالف فيه سواء كان محرماً أو مكروهاً فإنه يخرج العمل من حيز الاقتداء إلى حيز الابتداع، كل عمل في الصلاة أو في غيرها من العبادات جاء النهي عنه، سواء كان النهي نهي تحريم، أو نهي تنزيه كراهة، فإنه يخرج العمل من الاتباع إلى الابتداع، فكل المكروهات في الصلاة بدع عنده على هذا الحد وهذا التقرير، لكن فرق بين عمل يتعبد به مما لم يثبت له شرعية هذا بدعة، ولو كانت خفيفة، وبين ما لا يتعبد به، رجل تحرك في صلاته مكروه، رجل فرقع أصابعه مكروه، رجل اختصر أو تمطى أو فعل من المكروهات، لكن هل يتعبد بهذا؟ هل يتعبد بمثل هذه الأعمال؟ لا يتعبد بها، هذا يكفي في حقه الكراهة، أما الابتداع فلا.
أهل العلم يقولون: بالنسبة للجهر والإسرار في الصلاة، الصلاة الجهرية إذا أسرها أو جهر في السرية قالوا: كُره، إن أسر في جهرية أو جهر في سرية قالوا: كُره، نعم كره إذا فعل ذلك نادراً، لكن إذا كان ديدنه ذلك يصلي الصبح باستمرار وهو إمام سرية، ويصلي الظهر باستمرار جهرية، نقول: هذا مبتدع، يعني إطلاق أهل العلم للكراهة في هذا الموضع لا يعني أن من اتخذ ذلك ديدناً أن يكون هذا حكمه، لا، إنما من فعله مرة أو خالف مرة أو شيء أو نحو المرة اليسيرة اثنتين أو ثلاث هذا يقال في حقه الكراهة، لكن إذا كان ديدنه ذلك إذا صف بالناس في صلاة الصبح قرأ سراً، وإذا صلى بهم الظهر قرأ جهراً هذا مبتدع، هذا نقول: مبتدع، فيفرق بين من كان ديدنه ذلك ومن يفعل ذلك أحياناً.