الأمر الثاني: أنه ليس كل عمل مكروه ملازم للبدعة، وإنما البدعة فيما يتعبد به، لو كان يتعبد بالتمطي أو الاختصار على ما سيأتي أو بفرقعة الأصابع، أو ما أشبه ذلك، أو تشبيك الأصابع إذا كان يتعبد بذلك فهو مبتدع، لو قال النبي -عليه الصلاة والسلام- لما سلم من الصلاة في قصة ذي اليدين شبك بين أصابعه، ولا فرق بين أن يشبك قبل السلام أو بعده، ما في فرق، نقول: ابتدعت؛ لأنه جاء النهي عن التشبيك.
أمور مكروهة في الصلاة، في للظرفية، يعني في أثناء الصلاة، لكن لو فعل هذه المكروهات قبل شروعه في الصلاة؟ جاء النهي عن التشبيك قبل الصلاة:((إذا توضأ في بيته وأحسن وضوءه وخرج فهو في صلاة)) حكماً فلا يفعل هذه المكروهات ما دام ينتظر الصلاة لأنه في صلاة.
وأمور مكروهة في الصلاة سوى ما تقدم، والمراد بالمكروهة هنا الكراهية الاصطلاحية التي يؤجر على تركها ولا يأثم بفعلها.
قال -رحمه الله تعالى-:
"عن عقبة بن عامر -رضي الله عنه- قال: كانت علينا رعاية الإبل" يتناوبون الأعمال، كما كان عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وصاحب له من الأنصار يتناوبون العمل، كل واحد يدخل يوم ويزود الآخر بما سمعه من النبي -عليه الصلاة والسلام- "وعقبة بن عامر -رضي الله عنه- يقول: كانت علينا رعاية الإبل فجاءت نوبتي" يعني يتناوبونها، فكان في ذلك اليوم نوبة عقبة بن عامر "فروحتها بعشي" يعني بادرت بإرجاعها إلى أماكنها وإلى أهليها، وهذا كان موجوداً إلى وقت قريب، مواشي الناس من إبل وبقر وغنم تسرح، ويذهب بها الراعي في الصباح، ويرجعها في المساء، هذا موجود إلى وقت قريب، إلى أن منع الناس من اقتناء المواشي في البيوت، نظراً لما يترتب عليها كما يزعمون من أضرار بيئية، يقولون: يترتب عليها أضرار بيئية وروائح، ولا أدري هل أضرارها أشد أو عوادم السيارات والمصانع؟ لكن الله المستعان.