يقول:"فروحتها بعشي" يعني بادرت بإرجاعها إلى أهليها "فأدركت النبي -صلى الله عليه وسلم- قائماً يحدث الناس" كما هي عادته -عليه الصلاة والسلام- يحدث والصحابة يتلقون، وهذه هي الطريقة الأصلية في التلقي، السماع من لفظ النبي -عليه الصلاة والسلام- يحدث الناس وهو أقوى وجوه التحمل "فأدركت من قوله" يعني فاتني شيء من حديثه؛ لكني أدركت من قوله:((ما من مسلم يتوضأ)) (ما) نافية و (من) زائدة للتأكيد (مسلم) نكرة في سياق النفي فتعم، ويدخل في ذلك المسلمة؛ لأن خطاب الرجال يتوجه إلى النساء، فيما لم يدل الدليل على تخصيص الرجال به أو النساء، المقصود أن دخول النساء في هذا ظاهر.
((ما من مسلم)) يعني ومسلمة ((يتوضأ)) وضوءاً شرعياً كاملاً صحيحاً مسبغاً، كما كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضأ ((فيحسن وضوءه)) يكمل الوضوء، ويأتي به على الوجه المشروع من غير زيادة ولا نقصان، ومن غير إساءة، فلا يزيد على المشروع ولا ينقص عن المشروع أيضاً، فيحسن وضوءه، يأتي به على الوجه الصحيح، كما شرح وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- من قبل عثمان وغيره من الصحابة.
((ثم يقوم فيصلي)) يعني هذا القيام غير الصلاة؟ غير القيام إلى الصلاة؟ أو أنه كان قاعداً للوضوء ثم يقوم؟ والقيام إلى الصلاة قبل القيام في الصلاة {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(٦) سورة المائدة] وهنا قيام بعد الوضوء، وهناك قيام قبل الوضوء {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ} [(٦) سورة المائدة] هذا قيام قبل الوضوء، وهذا قيام بعد الوضوء، وهناك قيام في الصلاة، هذا قيام إلى الصلاة، والقيام إلى الصلاة منه ما هو قبل الوضوء كما في الآية، ومنه ما هو بعد الوضوء كما في الحديث ((فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين)).