المقصود أنه يدفع ويرد، إن اندفع بالإشارة فذلك المطلوب، وإلا بالدفع اليسر، وإلا بأشد منه، لكن لا يصل الأمر إلى القتل؛ لأن المقاتلة تختلف عن القتل، ولا يكون ذلك أيضاً بالسب والشتم كما قال بعضهم.
"وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهي أن يصلي الرجل مختصرا" رواه البخاري هكذا" يعني لفظه: "نهي" بالبناء للمجهول "ورواه مسلم: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" ومر بنا مراراً أن قول الصحابي: نهينا، أو أمرنا أنه مرفوع؛ لأنه في المسائل -مسائل الدين- والأحكام إنما الأمر والنهي لمن جعل الله له الأمر والنهي، وهو النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو قال ذلك بعد عصر النبي -عليه الصلاة والسلام-:
قول الصحابي من السنة أو ... نحو أمرنا حكمه الرفع ولو
بعد النبي قاله بأعصرِ ... على الصحيح وهو قول الأكثرِ
فهو مرفوع وإن قال بعضهم كأبي بكر الإسماعيلي يقول: هذا لا يكون مرفوعاً حتى يذكر اللفظ النبوي؛ لاحتمال أن يسمع كلاماً يظنه أمراً أو نهياً، وهو ليس في الحقيقة أمر ولا نهي، وهذا الكلام ليس بصحيح؛ لأن الصحابة أعرف بمدلولات الألفاظ الشرعية من غيرهم، فإذا لم يعرف الصحابة مدلولات الألفاظ النبوية من يعرفها بعدهم؟ والدين إنما جاءنا من قبلهم، وفهمهم مقدم على فهم غيرهم، فحكمه الرفع عند عامة أهل العلم، هذا إذا قال: نهينا أو أمرنا، أما إذا قال: أمرنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، أو نهانا كما في رواية مسلم: "نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-" صرح الصحابي بالناهي، وكذلك إذا صرح بالآمر فهو مرفوع قطعاً، ولا خلاف في رفعه، لكن خالف ...
الخلاف في المسألة الأولى، وهي ما إذا لم يصرح الصحابي بالآمر ولا الناهي، قال: أمرنا أو نهينا، قال الإسماعيلي وجمع من أهل العلم قالوا: إنه ليس له حكم الرفع؛ لاحتمال أن يكون الآمر والناهي غير الرسول -عليه الصلاة والسلام-، يمكن أن يكون أمرهم أبو بكر، أمرهم عمر، أمرهم أمير من الأمراء، رجل أمره أبوه، أو من له حق عليه، هذا إذا لم يصرح بالآمر والناهي، والجمهور على أنه مرفوع؛ لأن الأحكام إنما تتلقى من النبي -عليه الصلاة والسلام- أوامرها ونواهيها، هذا إذا لم يصرح بالآمر.