للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: " ((إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها)) " هل هذا أمر بالسترة أو أمر بالدنو إلى السترة؟ نعم هو ليس بأمر بالسترة، وإنما هو أمر بالدنو منها؛ لأنه قال: ((إذا صلى إلى سترة فليدن منها، لا يقطع الشيطان عليه صلاته)) إذا كان بعيداً لا شك أن البعد يجرئ ويغري من أراد المرور، وأنتم شاهدتم وحصل لكم الصلاة في المسجد الحرام إذا دنوت من الجدار، أو من السارية ما اجترأ أحد أن يمر بين يديك إلا شخص قاصد للإفساد كما يصنع بعض النساء الوافدات ممن عرف بالبدع، تقصد أن تمر بين المصلي وسترته ولو قرب منها، وتتحين الغفلة والفرصة فتمر، ورجالهم كذلك، لكن في الغالب أنك إذا دنوت تستطيع الرد، ولا يجرؤ أحد أن يمر بينك وبين سترتك إلا إنسان في نيته الإفساد، الغافل يمكن رده.

أما إذا ابتعد عن سترته فإن حكم السترة يسري إلى ثلاثة أذرع من موضع قدميه، فإذا مر دون ثلاثة أذرع مر بين يدي المصلي، وإذا كان أكثر من ثلاثة أذرع فإنه لا يكون ماراً بين يدي المصلي، ولا يُدفع حينئذٍ.

((لا يقطع الشيطان عليه صلاته)) سواءً كان ذلك من شياطين الجن، وجاء في الكلب الأسود أنه شيطان أو كان من شياطين الإنس الذين يريدون التشويش على المصلين.

يقول: "رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن حبان، وهو حديث مختلف في إسناده، وروي مرسلاً" على كل حال الحديث الراجح في أمره أنه صحيح، والموصول أصح من المرسل وأرجح، فهو المعتمد.

في السترة حديث أبي سعيد: ((إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه، فإن أبى فليقاتله)) وفي رواية: ((فإن معه القرين)) ليقاتله، يعني يدفعه بالأسهل، بالأخف، ثم بالأشد، وليس معنى هذا أنه يقتله، يحمل معه آلة القتل وكل من أراد أن يجتاز بين يديه أزهق روحه، لا، الكلام ليس بصحيح، نعم يقتل الحية والعقرب، لكن لا يقتل معصوماً، وليس معنى ((فليقاتله)) بالسب والشتم كما قال بعضهم، مثل: ((قاتل الله اليهود)) يعني لعنهم، وهنا: ((فليقاتله)) يعني يسبه ويشتمه، هذا الكلام ليس بصحيح، وإن قاله بعضهم.