للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هنا مسألة وهي: أن الإنسان يحمل معه المناديل للبصاق والمخاط وما في حكمهما، هل نأخذ من هذا الحديث أن المناديل ما دامت نظيفة لم تستعمل تكون في الجهة اليمنى في الجيب الأيمن، فإذا استعملت نقلت إلى الجيب الأيسر، أو نقول: يستعملها ويردها إلى جهة اليمين؟ يعني ماذا نستفيد من هذا الحديث؟ أو نعكس نجعل النظيفة في الشمال والمستعملة في اليمين؟ الذي يشم من الحديث ويفهم من الحديث ويستنبط من الحديث في تكريم جهة اليمين أن تكون المناديل النظيفة في جهة اليمين، فإذا استعملت في هذه المستقذرات تنقل إلى جهة الشمال، قد يقول قائل: لماذا لا تجعل في جهة الشمال كلها النظيفة وغير النظيفة؟ نقول: لا بد من التمييز بينها، والتفريق بين النظيف وغير النظيف من أجل أن يستعمل ما يمكن استعماله، ويرمى ما يستغنى عنه، وعلى كل حال هذا من الأدب الإسلامي الرفيع الذي تميزت به هذه الشريعة، تراعي الأحوال والظروف والأفعال من المكلفين، ومما يؤدب عليه غير المكلف أيضاً، ويربى عليه مثل هذه الأمور، يعني بعض الناس لا يلاحظ مثل هذه الآداب فتجده يبصق في أي مكان، طريق عام وإلا خاص، في مجلس، في كذا، وبعض المصلين بل بعض الأئمة قد يحصل من إمام وقد حصل إذا التفت إلى الناس أخرج المنديل، وأخذ بأعلى أو بأقوى ما يستطيع، والأصوات قد تنقل في المكبرات قبل أن يغلق المكبر، والحي كله يسمع، لا شك أن هذا خلاف الأدب، يعني على الإنسان أن يستخفي، يخفي هذه الأمور بقدر الإمكان، بقدر استطاعته إلا إذا عجز؛ لأن هذه الأمور نصت على أشياء، وفي ضمنها وثناياها أمور أيضاً أخرى، هل معنى هذا أننا نمنع عن البزاق عن جهة اليمين ونأخذ المنديل في وجوه الناس وبأعلى الصوت؟! لا، يستخفي بهذا الإنسان بقدر استطاعته.

بعضهم يفتح زجاج السيارة ويرمي ما في فمه أو في أنفه وتصل إلى زجاجات السيارات الأخرى، وقد تصل إلى مشاة أو شيء من هذا، هذا يحصل وإلا ما يحصل؟ يحصل، ولا شك أن هذا سوء أدب، وأسوأ منه بعض المدخنين -هداهم الله- يقصد ويتعمد أن ينفث الرائحة القبيحة الضارة في وجوه الناس، يقصد هذا القصد بعضهم، هذا أشد -نسأل الله العافية-.