"فقالوا: أقصرت الصلاة؟ " يعني ما جاء في ذهن واحد منهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- هؤلاء السرعان أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نسي، وإلا لو تطرق إلى أذهانهم أن النبي -عليه الصلاة والسلام- نسي ما خرجوا؛ لأنه يذكر فيذكر أو يذكر بنفسه ثم يتم صلاته، هؤلاء جزموا بأن الصلاة قصرت، ردت إلى أصلها ركعتين.
"ورجل يدعوه النبي -صلى الله عليه وسلم- ذا اليدين" يصفه ويلقبه بذي اليدين، في يديه طول، وهو غير ذي الشمالين، وقال الزهري: هما واحد ذو اليدين هو ذو الشمالين، ووهمه أهل العلم.
المقصود أن الذي عندنا ذو اليدين، واسمه الخرباق، الخرباق بن عمرو أو عمر "فقال للنبي -عليه الصلاة والسلام-: أنسيت أم قصرت؟ " أو قصُرت "فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لم أنس ولم تقصر)) " يريد أن يتأكد أنسيت أم قصرت؟ فقال:((لم أنس ولم تقصر)) يعني هذا على غلبة ظنه، أما كونها تقصر فهذا حكم شرعي مجزوم به أنها لم تقصر، وأما نفي النسيان فبناء على غلبة الظن، فللإنسان أن ينفي على غلبة ظنه، بل له أن يحلف على مقتضى غلبة ظنه، كما قال المجامع في رمضان:"والله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر منا" هل عنده إحصاء دقيق ونظر أكيد في جميع بيوت المدينة، وما بين لابتيها أنه لا يوجد بيت أفقر منهم، إنما هذا على غلبة ظنه، وحلف ولم ينكر عليه ولم يلزم بكفارة.
فالنبي -عليه الصلاة والسلام- نفى على غلبة ظنه ((لم أنس ولم تقصر)).
"قال: بلى" ذو اليدين "قال: بلى، قد نسيت" لأن الأول قصرت الصلاة حكم شرعي لا يمكن أن يكون إلا من قبله -عليه الصلاة والسلام- وقد نفاه، إذاً ما في قصر، وما دام ما فيه قصر والاستقراء يدل على أن ما حدث في الصلاة سببه أحد أمرين النسيان أو القصر انتفى واحد فتعين الثاني، انتفى القصر الذي نفاه النبي -عليه الصلاة والسلام- وهو حكم شرعي تعين الثاني، لماذا لما قال:((لم أنس ولم تقصر)) وهو معصوم -عليه الصلاة والسلام-، ونفى حصول القصر وحصول النسيان لماذا أثبت النسيان وأضرب عن القصر؟ لماذا؟