للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقل مثل هذا في جميع العبادات في الجملة أهل العلم يكادون يتفقون على أن العبادات التي يتعدى نفعها أفضل من العبادات التي يقصر نفعها على صاحبها، مع أننا لو نظرنا إلى أركان الإسلام لوجدنا أن الشهادتين والصلاة هما الركنان الأول والثاني مع أن نفعهما قاصر على الشخص، والركن الثالث هو الزكاة التي يتعدى نفعها، فهذه القاعدة ليست على إطلاقها، ومع ذلك قد يعرض لبعض العبادات المفوقة ما يجعلها فائقاً بالنسبة لبعض الأشخاص وبالنسبة للأوقات والأماكن، فالقول بالتفضيل المطلق يحتاج إلى تقييد، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يسأل عن أفضل الأعمال ويجيب بأجوبة مختلفة؛ لأن الأجوبة تختلف باختلاف أحوال السائلين، فدل على أنه قد يندب للإنسان أن يتفرغ لطلب العلم، ويقال له: لا تصم نافلة، لما يتميز به من مؤهلات تؤهله أن يكون من المراجع لهذه الأمة، ومن العلماء الذين يرفعون الجهل عنها، ويقومون بحق الله في هذا العلم العظيم، ومنهم من يقال له: التفت إلى الصيام، ومنهم من يقال: التفت إلى الصدقة والنفقات، كل إنسان بحسب حاله، فإذا وجد الشخص الذي لديه الأهلية التامة لحمل العلم يقال له: اتجه إلى العلم، أفضل لك من نوافل العبادات الأخرى، وإذا كانت الأدوات عنده أقل، وقد يتعب في تحصيل العلم، وقد لا يدرك شيئاً يستحق ما يبذل فيه من وقت على أنه قد ضمن له الأجر ولو لم يحصل علماً ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)) ومع ذلك إذا وجد من هذا النوع من أدواته متوسطة أو أقل من المتوسط ويرجى نفعه في أبواب أخرى من أبواب الدين يوجه إليه، ويقال: هذا أفضل في حقك، إذا وجدنا شخصاً ضعيف البنية هل نقول له: إن الجهاد أفضل في حقك؟ أو نقول: طلب العلم لا سيما إذا لحظنا عليه شيء من الذكاء، وشيء من الحفظ والفهم؟ كل إنسان يوجه إلى ما يناسبه.

وعلى هذا القول بالإطلاق إن أفضل العبادات كذا يحتاج إلى مزيد عناية، والنظر في الأحوال المحتفة بالشخص والمكان والزمان، والله المستعان.

[باب: صلاة التطوع]

يقول -رحمه الله تعالى-: