يقول:"رواه الحاكم بإسناد صحيح" لكن كيف يكون الإسناد صحيحاً وقد رواه الحاكم من طريق عاصم بن أبي النجود عن زر بن حبيش عن علي؟ هو موقوف على كل حال، هو من قول علي -رضي الله عنه-، لكن لا يصل إلى درجة الصحيح فهو حسن للكلام المعروف في حفظ عاصم، يعني بالنسبة للحديث لا بالنسبة للقرآن، فهو إمام فيه؛ لماذا؟ لأننا نسمع من يتكلم في قراءته، ويلمز من يعتمد قراءة عاصم، وقد تكلم فيه من قبل أهل الحديث، ومر بنا مراراً في مناسبات أن حفظ بعض العلوم التي يتجه إليها الإنسان بكليته سهل، بينما حفظه لبقية العلوم التي لا يلتفت إليها قد يصعب عليه، يعني يسهل على بعض الناس الذي له عناية بالشعر أن يحفظ القصائد الطويلة؛ لأنه يهوى هذا الشعر، لكن لو وجه إلى حفظ القرآن عجز والعكس، كثير من طلاب العلم يحفظ القرآن ويتقنه ويجوده، لكن حفظه للسنة أو لغيرها أقل بكثير، ولا سيما أن القرآن يمكن ضبطه، وهو ميسر ومسهل {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [(١٧) سورة القمر] لكن السنة مع انتشارها وسعتها وكثرتها الإحاطة بها دونها خرط القتاد، بل تفلتها باعتبار كثرة رواتها، وكثرة طرقها على كثير من المتعلمين حاشا الأئمة الحفاظ، فإنه في غاية الصعوبة، وقد يكون الشخص إماماً في باب ويتكلم فيه في أبواب، الإمام أبو حنيفة الإمام الأعظم عند السواد الأعظم من المسلمين إمام في الفقه والاستنباط، لكنه بالنسبة للرواية متكلم فيه، ابن إسحاق إمام أهل المغازي متكلم في روايته، وهكذا نجد من يتخصص في علم يتقنه ويضبطه، لكن إذا تكلم في علوم أخرى حصلت منه الأخطاء، وضُعّف بسببها، وهذا أمر مشاهد في المتقدمين والمتأخرين؛ لأن الإنسان إذا اهتم بشيء ضبطه وأتقنه، إذا التفت إليه وكانت له به حاجة فإنه يضبطه ويتقنه، في حديث اقتناء الكلب:((من اقتنى كلباً نقص من أجره كل يوم قيراط)) إلا ما استثني، كلب صيد، أو ماشية، أو زرع، قال ابن عمر:"وكان أبو هريرة صاحب زرع" بعض المفتونين والذين يلتقطون مثل هذه الألفاظ، قال: إن ابن عمر يطعن في أبي هريرة، وما دام صاحب زرع كأن هذه الجملة أقحمها أو هذه الكلمة أقحمها وحاشا أبا هريرة أن يتقول على