النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يقل، لكن أبو هريرة صاحب زرع، يهمه مثل هذا اللفظ فيضبطه ويتقنه ويحفظه، بينما غيره الذي لا يحتاج إليه قد لا يحفظه، وضربنا مثل لأن هذه كثيراً ما تثار مثل الكلام في عاصم، مثل الكلام في بعض الأئمة ليطعن فيما يتقنه بما لا يتقنه، ذكرنا هنا في هذا المسجد لو جاء شخص وألقى محاضرة عن مرض من الأمراض، وذكر الأسباب، وقد تصل إلى عشرين، ثم ذكر أنواع من العلاج والحمية يفصلها إلى خمسين مثلاً المصاب بهذا المرض لن يفوته شيء هل يفرط بشيء من هذه الأدوية والعلاجات والحمية، وما يتعلق بذلك؟ لا يمكن، يعض عليها بالنواجذ، لن يفوته شيء منها؛ لماذا؟ لأنه محتاج إليها، بينما الأكثر الذين ليس لديهم حاجة ولم يصابوا بهذا المرض تجدهم يفرطون في كثير منها، فإذا سألت الواحد أعطاك واحد أو اثنين أو خمسة من العشرين بينما ولو كان أضعف الناس حافظة المحتاج المريض بهذا المرض لو كان أضعف الناس حافظة تجده يضبط كل ما قيل؛ لأن النفس مشرئبة إلى معرفة العلاج، مستروحة متشوفة إلى هذا العلاج فتجده يصادف من قلبه المحل المكين.
فالإنسان إذا احتاج إلى شيء لا شك أنه يضبطه ويتقنه، أصحاب المهن كل يتقن في مهنته ما يتقن، وبعضهم لو تدخل شخص ولو كان من العلماء في بعض الأبواب طبيب مثلاً من أمهر الأطباء تدخله مكتبة شرعية، ثم إذا خرج تقول له: ويش فيها من الكتب؟ كم يضبط من كتاب؟ يمكن يضبط كتاب أو كتابين قرأ أسمائهم وكذا، لكن لو تدخل طالب علم شرعي لا سيما إذا كانت له عناية بالكتب يمكن يفصل لك المكتبة واحداً واحداً ويذكر لك العدد، وكم تسوى من القيمة؛ لأنه صاحب اهتمام، صاحب شأن.
في الحديث الذي يليه يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: