للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

"لا يسمع الناس" هل هذا بالفعل هو الدافع لعائشة أن تقول للرسول -عليه الصلاة والسلام- هذا الكلام؟ لأنه رجل أسيف؟ لا؛ لأن من يقوم مقام الرجل الكبير بعده يحصل في نفوس الناس عليه، يتشاءم به الناس، فخشيت أن يحصل في قلوب المؤمنين لأبي بكر شيء من هذا الأمر، يعني الذي يخلف الرجل العظيم مثلاً بحيث يكون بينهما بون كبير شاسع لا شك أنه يتعرض للقالة، الثاني، ولذا يقولون: فلان أتعب من بعده، فهي خشيت أن يتخذ الناس ويكون في قلوبهم شيء من النفرة؛ لأنه قام مقام النبي -عليه الصلاة والسلام-.

"إن أبا بكر رجل أسيف متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، قال: ((مروا أبا بكر فليصلِ بالناس)) قالت: فقلت لحفصة" بنت عمر من أمهات المؤمنين "قولي له: إن أبا بكر رجل أسيف، وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس، فلو أمرت عمر، فقالت له" وهل القصد عند حفصة هو القصد والدافع عند عائشة؟ لا، الدافع عند حفصة -والله أعلم- بما في القلوب، لكن التعقيب ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) يدل على أن الظاهر غير مراد، وأن هناك شيء في خفايا القلوب.

عائشة خشيت أن يتشاءم الناس بأبي بكر، وحفصة ماذا؟ رجت، ما خشيت، رجت أن تكون منزلة أبيها عالية، يعني لا عائشة خشيت ألا يسمع الناس ولا حفصة خشيت هذه الخشية؛ بدليل: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) يعني ما قال: والله أنا أبو بكر صحيح رجل أسيف، لكن مع ذلك وإن كان أسيف يصلي بالناس؛ لأنه أولى الناس.

"فقالت له، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إنكن لأنتن صواحب يوسف)) " صواحب يوسف أظهرن خلاف ما يبطن، بدءاً من امرأة العزيز التي قدمت ما قدمت للنساء، هل تريد إكرام النساء؟ أو تريد أن تطلعهن على عذرها إذا رأين يوسف -عليه السلام-؟