المأموم الواحد إذا صف عن يمين الإمام يكون بحذائه مساوياً له، كما يكون في الصف؛ لأنه هو مع الإمام صف، وحينئذٍ لا بد من المحاذاة، وقال بعض الشافعية يتأخر المأموم عن الإمام قليلاً، ولم يذكروا على ذلك دليلاً، اللهم إلا إن منزلة الإمام في الأصل التقدم على المأموم، هذا في الأصل أن الإمام يتقدم على المأموم، فإذا كان واحد يتقدم عليه يسيراً استصحاباً للأصل، وإلا فلا يوجد دليل يدل على أن المأموم يتأخر عن الإمام، والأصل في مثل هذه الحالة المصافة كالاثنين خلف الإمام.
"متفق عليه".
"وعن أنس -رضي الله عنه- قال: "صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بيت أم سليم" أم سليم دعته -عليه الصلاة والسلام- إلى طعام، فأكل من الطعام، ثم صلى في بيتها، يقول أنس: "فعمدت إلى حصير لنا قد اسود من طول ما لبس، فنضحته بالماء، فصلى عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-" في بيت أم سليم أم أنس "فقمت ويتيم خلفه" يعني هذه الرواية فيها العطف على ضمير الرفع المتصل من غير فاصل، والأصل أن يقول: فقمت أنا، وجاء في بعض الروايات: فقمت أنا، على الأصل.
وإن على ضمير رفع متصل ... عطفت فافصل بالضمير المنفصل
أو فاصل ما وبلا فصل يرد ... في النظم فاشياً وضعفه اعتقد
هنا يقول: "فقمت ويتيم" الأصل أن يقال: فقمت أنا، للفصل بين الضمير، ضمير الرفع المتصل وما عطف عليه.
"ويتيم خلفه" يعني خلف النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفي هذا صحة مصافة الصغير؛ لأن اليتيم لا يطلق إلا على الصغير، ولا يتم بعد احتلام، فتصح مصافة الصبي المميز، ويرى بعض أهل العلم أنها لا تصح لأن صلاته نافلة، وحينئذٍ يكون وجوده قدر زائد على هذه الصلاة التي هي فريضة، يعني تصح مصافاته في النافلة، لكن ما تصح في الفريضة، وهذه الصلاة التي صلاها النبي -عليه الصلاة والسلام- نافلة، ولا شك أن ما ثبت في النافلة ثبت في الفريضة هذا الأصل.