عَلَيْهِ، بَلْ كَانَ حُكْمًا فِيهِ وَفِي غَيْرِهِ، مِمَّا يُشَارِكُهُ فِي مَعْنَاهُ. عَلِمْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَجِبُ بِالنَّصِّ وَالِاتِّفَاقِ، وَقَدْ يَجِبُ بِالْمَعْنَى، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا. وَمِثْلُهُ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ حُكْمِهِ فِي أَشْخَاصٍ (بِأَعْيَانِهَا) ، وَأُمُورٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يُعَلَّقْ الْحُكْمُ فِيهَا بِاسْمِ عُمُومٍ. وَكَانَ الْحُكْمُ جَارِيًا عَلَى مَعَانٍ مُودَعَةٍ فِي النَّصِّ، نَحْوُ: حُكْمُهُ بِالْغُرَّةِ فِي الْجَنِينِ. وَكَانَ ذَلِكَ حُكْمًا فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ. (وَحُكْمُهُ فِي الْفَأْرَةِ إذَا مَاتَتْ فِي سَمْنٍ: أَنَّهُ إنْ كَانَ جَامِدًا أُلْقِيَتْ وَمَا حَوْلَهَا، وَإِنْ كَانَ مَائِعًا أُرِيقَ) ، وَنَحْوُ رَجْمِهِ مَاعِزًا حِينَ زَنَى وَتَخْيِيرِهِ بَرِيرَةَ حِينَ أُعْتِقَتْ وَلَهَا زَوْجٌ، (وَأَمْرِهِ ابْنَ عُمَرَ أَنْ يُرَاجِعَ امْرَأَتَهُ حِينَ طَلَّقَهَا فِي الْحَيْضِ) ، ثُمَّ كَانَ كَحُكْمِ الزَّيْتِ: حُكْمُ السَّمْنِ إذَا مَاتَتْ فِيهِ فَأْرَةٌ، وَكَانَ الْعُصْفُورُ بِمَنْزِلِهِ الْفَأْرَةِ إذَا مَاتَ فِيهَا، وَكَانَ حُكْمُ غَيْرِ مَاعِزٍ مِنْ الزُّنَاةِ الْمُحْصَنِينَ: حُكْمَ مَاعِزٍ، وَكَانَ حُكْمُ غَيْرِ بَرِيرَةَ، وَغَيْرِ ابْنِ عُمَرَ: حُكْمَ مَا وَرَدَ فِيهِ الْأَثَرُ، وَنُصَّ عَلَيْهِ، لِوُجُودِ الْمَعْنَى فِيهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْصُوصًا عَلَيْهِ بِاسْمِهِ، ثَبَتَ بِذَلِكَ مِنْ الْأَحْكَامِ مَا هُوَ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ، وَإِنَّ مِنْهَا مَا هُوَ مُودَعٌ فِي النَّصِّ يَجِبُ اعْتِبَارُهُ وَإِجْرَاءُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، مِنْ الْمَعَانِي مَا يَكُونُ جَلِيًّا ظَاهِرًا، وَمِنْهَا مَا يَكُونُ خَفِيًّا غَامِضًا. فَالْجَلِيُّ مِنْهَا: نَحْوُ مَا ذَكَرْنَا، مِمَّا لَا يَحْتَاجُ مَعَهُ إلَى نَظَرٍ وَلَا اسْتِدْلَالٍ. (وَالْخَفِيُّ مِنْهَا يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاسْتِدْلَالٍ) فَحَيْثُمَا وَجَدْنَا الْمَعْنَى وَجَبَ إجْرَاءُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ، إذْ قَدْ ثَبَتَ أَنَّ الْحُكْمَ قَدْ يَتَعَلَّقُ بِالْمَعْنَى، كَمَا يَتَعَلَّقُ بِالِاسْمِ وَبِالْعَيْنِ، كَمَا أَنَّهُ إذَا عُلِّقَ الْحُكْمُ بِالِاسْمِ، وَجَبَ اعْتِبَارُهُ بِهِ، حَيْثُ وُجِدَ.
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: إنَّمَا وَجَبَ عِنْدَ وُرُودِ الْحُكْمِ فِي شَخْصٍ بِعَيْنِهِ: الْحُكْمُ بِمِثْلِهِ فِي غَيْرِهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute