[بَابٌ الْقَوْلُ فِي خِلَافِ الْأَقَلِّ عَلَى الْأَكْثَرِ]
ِ إذَا اخْتَلَفَتْ الْأُمَّةُ عَلَى قَوْلَيْنِ، وَكُلُّ فِرْقَةٍ مِنْ الْكَثْرَةِ فِي حَدٍّ يَنْعَقِدُ بِمِثْلِهَا الْإِجْمَاعُ لَوْ لَمْ يُخَالِفْهَا مِثْلُهَا.
فَإِنَّ مِنْ النَّاسِ مَنْ يَعْتَبِرُ إجْمَاعَ الْأَكْثَرِ وَهُمْ الْحَشْوُ.
قَالَ أَهْلُ الْعِلْمِ: لَا يَنْعَقِدُ بِذَلِكَ إجْمَاعٌ، وَوَجَبَ الرُّجُوعُ إلَى مَا يُوجِبُهُ الدَّلِيلُ.
وَالْحُجَّةُ لِهَذَا الْقَوْلِ: أَنَّ الْحَقَّ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعَ الْقَلِيلِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونُوا فِي حَدٍّ مَتَى أَخْبَرَتْ عَنْ اعْتِقَادِهَا لِلْحَقِّ، وَظَهَرَتْ عَدَالَتُهَا، وَقَعَ الْعِلْمُ بِاشْتِمَالِ خَبَرِهَا عَلَى صِدْقٍ، عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا فِيمَا سَلَفَ.
وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ أَثْنَى عَلَى الْقَلِيلِ، وَمَدَحَهُمْ فِي مَوَاضِعَ مِنْ كِتَابِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِي الشَّكُورُ} [سبأ: ١٣] وَقَالَ تَعَالَى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إلَّا قَلِيلٌ} [هود: ٤٠] وَقَالَ تَعَالَى: {فَلَوْلَا كَانَ مِنْ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنْ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ إلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ} [هود: ١١٦] وَقَالَ تَعَالَى: {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: ١٨٧] ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute